فضاءات ملغومة وأقمار مُخترقة
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
لم تعد الأساطيل الحربية الأمريكية مثلما كانت عليه في الحروب التقليدية القديمة، فحاملات الطائرات تتحرك الآن بخطوات ترسمها لها الاقمار الاصطناعية، وتنطلق منها الطائرات والصواريخ في محاور ومسارات تحددها لها الاقمار الاصطناعية، وعلى هذا السياق ارتبطت الفرقاطات والغواصات والمدمرات والبوارج وسفن الإمداد بالاقمار الاصطناعية، وهذا يعني انها أصبحت في اعلى مستويات الذكاء الاصطناعي (AI)، لكنها وقعت في الفخ من حيث لا تدري. فصارت تتحرك بخطوات مترددة مذعورة. وصارت تخشى قدرات الهاكرز وأساليبهم المبتكرة في تضليل الاقمار نفسها والتلاعب بإعداداتها، وصارت تتعرض لضربات تشويشية مربكة ومباغتة لم تكن تتوقعها، الأمر الذي قد يضطرها إلى التوقف والتراجع، وربما الابتعاد عن منطقة الخطر، فهي لا تعلم من اين ستأتيها الهجمات القادرة على خداع الاقمار وخداع المنظومات الذكية المثبتة على متن حاملات الطائرات. قد تأتيها من مراهق من الهواة يتسلى بحاسوبه الشخصي داخل خيمة في الصحراء الكبرى أو بين أشجار غابات الأمازون. فما بالك إذا كان الهاكر الذكي المشاكس من الذين تلقوا تدريباتهم المكثفة لشن هذه الغارات ضد القوات البحرية والجوية والبرية ؟، وضد الغواصات النووية القابعة في مخادعها السرية داخل تجاويف البحار والخلجان ؟. .
ألم يأتكم خبر الطائرات المدنية التي تلقت في الأسبوع الماضي إشارات خادعة اثناء تحليقها في سماء العراق ؟، فانحرفت عن مساراتها بسبب هجوم من نوع (Spoofing Attacks)، أو بسبب هجوم من نوع (GPS Jamming). ربما كانت تلك الهجمات منبعثة من محطات أرضية، أي ان الاشارة انطلقت من المحطة الأرضية واستهدفت الطائرة (الهدف) فأربكت حساباتها وارغمتها على الجنوح نحو الاتجاهات الخاطئة. فما بالك إذا كانت الهجمات منبعثة من القمر الاصطناعي ؟. أو ان القمر الاصطناعي نفسه تعرض للقرصنة وتعطلت نشاطاته ؟. .
لا ريب إنكم سمعتم بهجمات الهاكر التونسي (B13) الذي نجح في تعطيل شبكة الاتصالات الحربية في اسرائيل، واخترق نظام دفاعها الجوي قبيل وأثناء عمليات طوفان الاقصى، فتعطلت القدرة الاسرائيلية على التعامل مع الهجوم المباغت، الذي سبقه هجوم الكتروني. .
شيء آخر: مهما بلغت قوة القدرات الدفاعية لدى القوى العظمى فقد أصبح بإمكان شخص واحد تعطيلها واخراجها من الخدمة، وتحويلها إلى كومة خردة، وذلك بعد فك رموز تشفيرها من دون أن يعرفوا هويته، وهذا ما دفع تلك البلدان إلى إعادة حساباتها السرية، وإقامة المصدات الالكترونية لحماية منظوماتها في محاولة ميئوس منها لمنع الاختراق. .
وللحديث بقية. . .