هل صار نفط البصرة من حصة الأردن !؟!
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كلنا يعلم ان مشروع أنبوب (بصرة – عقبة) يعود تاريخه إلى عام 1983 وكان من المتوقع ان يرى النور إبان الحرب العراقية الإيرانية. وكلنا يعلم ان المشروع نفسه تجدد وتمدد وتغيرت أرقامه وبياناته وتكاليفه ومواصفاته في المراحل التي سبقت عام 2003 والمراحل التي لحقت بها. .
لكن المشكلة ان الحكومة نفسها تكتمت على تفاصيله لأكثر من اربعة عقود. ابتداء من عام 1983 ولغاية عام 2024. ومما زاد الأمر غموضا اشتراك بعض قادة الكتل السياسية، وبشكل منفرد، في خوض الجولات الحوارية مع الأردن او مع مصر. .
من ناحية اخرى لم تقم الدولة العراقية ولا وزارة النفط بمهمة توضيح الاسباب والمسببات التي اضطرتها لتنفيذ هذا المشروع، ولم تبين لنا جدواه الاقتصادية والمستقبلية. .
فهل من مصلحة الدولة ان تبقى تفاصيل المشروع طي الكتمان ؟. لأن المتداول الآن في المجالس الشعبية والندوات الجماهيرية يوحي بأن الأردن اصبحت لها اليد الطولى في حقل مجنون وحقل الرميلة وحقل غرب القرنة. وان البرلمان العراقي ذات نفسه هو الذي أقرّ وأعترف بنقل ثرواتنا النفطية إلى الأردن بأنابيب سوف يجري مدها على نفقتنا الخاصة ومن دون ان تدفع الأردن درهماً واحداً. والأغرب من ذلك ان الأردن لم تطالب بتلك بالنفط الخام، ولم تصر على نقله اليها. بل ان سلطاتنا التنفيذية والتشريعية والسياسية هي التي قررت منذ عام 1983 التفريط بثرواتنا لحساب الجارة، التي زرعت ارضها بنحو 16 قاعدة أمريكية مخصصة لاستفزازنا وتهديدنا. وربما تتقدم جارتنا المدللة بشكوى رسمية في قادم الايام ضد شركة نفط البصرة تطالبها بدفع التعويضات بالعملة الصعبة بدعوى تسببها في إهدار كميات هائلة من الغاز الطبيعي المستخرج من حقولنا الجنوبية. أو بدعوى تسببها في تعكير اجواء الخليج بالدخان الأسود والملوثات الأخرى المنبعثة من تلك الحقول التي سوف تصبح مسجلة بأسم المملكة الهاشمية. وربما تشاركنا المملكة في استيفاء اجور وعوائد منصات التصدير الواقعة بين خور عبدالله وخور الخفقة. .
قال احد النواب: ان التكلفه الاجماليه لمشروع انابيب (البصرة – عقبة) تزيد على 25 مليار دولار يدفعها العراق من ميزانيته (دولار ينطح دولار). وان العراق هو الذي يدفع تكاليف بناء الميناء النفطي في العقبة. وان الأنابيب والأرصفة ومعدات التحميل والمضخات تصبح ملكاً صرفاً للأردن منذ اليوم الاول للتشغيل. وان العراق مطالب بدفع رسوم مالية إضافية للأردن مقابل كل برميل يعبر الحدود. .
وحتى تكتمل اللعبة ويمرر المشروع بلا اعتراضات جماهيرية كان لابد من إشغال الرأي العام ببعض الزوابع المفتعلة. التي بدأت بزوبعة ازالة التجاوزات. فانقسم الناس بين مؤيد ومعارض، وإشغالهم بقضية غلق المطاعم المشبوهة، وكان المعترض الوحيد هو النائب ياسر الحسيني، ثم تعالت أصوات وجهاء البصرة الذين رفضوا فكرة التنازل عن حقولهم النفطية. .
وتذكروا ان حكومتنا في حقبة الكاظمي هي التي قررت السماح بتدفق المنتجات الأردنية (الزراعية والصناعية) إلى أسواقنا بدون رسوم جمركية، وبدون رسوم ضريبية، ومن دون الالتزام ببنود قانون حماية المنتج الوطني. .
يتسائل العراقيون هذه الايام عن الاسباب التي تدفع الحكومة العراقية للتورط في مشاريع غير محمودة، وغير مدروسة، وغير مجدية ؟. والأسباب التي تضطرّها للتنازل عن ثرواتها بهذه البساطة ؟. وعن مصير عائداتنا النفطية المودعة في البنوك الفيدرالية بقرار أمريكي يحمل الرقم 13303 لعام 2003 بذريعة حماية أموالنا من أية ملاحقات قانونية !؟!، بمعنى ان التصرف بها بات تحت وصاية البيت الأبيض منذ اكثر من 20 سنة ؟. .
وسوف نعود ان شاء الله لاستكمال هذا الحديث في مقالة لاحقة. .