وياعطر التراب “إلى سيد الشهداء ع”
بقلم : وجيه عباس ..
أَ وَحْيٌ فيكَ أم توحي الدماءُ
ومكَّةُ فيكَ أمْ ذي كربلاءُ؟
أَ وَحْيُكَ في الطفوفِ دمٌ ولحمٌ؟
وإلا كيف ينتصبُ اللواءُ !
وغارُ حِراءَ قبرُكَ أم طوافٌ
تدورُ الأرضُ حولَكَ والسماءُ؟
وهلْ للأرضِ دونك من مسيلٍ
جرى فتوقَّدتْ فيهِ الدماءُ ؟
ونحرُكَ أمْ فراتُكَ حين يجري
ونوحاً كان عرشُكَ وَهْوَ ماءُ
وحزنُكَ وهو سلطانٌ قديمٌ
وأنتَ الألفُ، دون دمٍ، وباءُ
وعاشوراءُ حزنُكَ وهو يلقي
عباءَتَهُ، فتسودُّ العَباءُ
مضتْ ألفٌ وجُرحُكَ ليس يغفو
كأنَّ الأرضَ يوقِظُها البُكاءُ
بلى أبقيتَ بعدَكَ مستحيلاً
وإنَّ المستحيلَ به وِعاءُ
نزفتَ بهِ وجودَكَ فاستفاضتْ
على جنبيهِ من دمِكَ الدلاءُ
وياعطرَ الترابِ مشى عليهِ
فأورقَ تحت خطوتِهِ الهواءُ
وأمْطَرَهُ محمَّدُ من عليٍّ
وفاطمةٍ، فكانَ هو السَقاءُ
ويالكَ كربلاءٌ ليس تظما
ومن عينيهِ يبتديءُ الرواءُ
وزمزمُ والطفوفُ على يديهِ
أَمامٌ ليس يوسعُهُ وراءُ
أَ يظمأُ في الفرات بها حسينٌ
ومنْ عَجَبٍ يلوذُ بهِ الظِماءُ؟
ويوطأُ بالخيولِ على مَحَلٍّ
به أمُّ الكتاب له وِقاءُ
ويحملُ رأسَهُ رمحٌ خضيبٌ
تردّاهُ، وقد سُلِبَ الرداءُ
فيا لَكَ من غريبٍ في بلادٍ
تغشّاها، فما نفع الغِشاءُ
معيْ كُنْ أيُّها الجبلُ المُضاءُ
ودعني فيك يمطرُني العراءُ
سلاماً بالجوامعَ من نداءٍ
وحيثُ تكونُ يبلغُكَ النداءُ
سلاماً أينما ارتحلتْ خطاهُ
برضوى حيثُ أوجَدَكَ البقاءُ
غريباً مثل جدِّكَ لستُ أدري
ولكنَّ المقامَ بهِ عَناءُ
تُوزِّعُكَ الرياحُ على يديها
ويمطرُك التوجُّعُ والولاءُ
ورُعياً للمواجعَ حيثُ حلّتْ
وإن قَصُرتْ يداك بما تشاءُ
تُقلِّبُ في يديكَ شواظَ جمْرٍ
وما أُورثتَ، إنَّ دماً طِلاءُ
وإنَّكَ فيهِ أولاهُ احتساباً
بثأرِكَ بيْدَ أنَّكَ لاتُساءُ
أَ تنظرُ كربلاءَ بما أفاضتْ
فيُبكيكَ التَوحُّدُ والخَفاءُ
وتغسلُ بالدماء جفونَ عينٍ
يتيماتٍ، وأنتَ لها كِفاءُ
أَ أَوْجعَكَ الجوادُ بغيرِ سرْجٍ
يؤوبُ إلى الخيامِ، وذاكَ داءُ
وعمّاتٌ تجَمّعنَ التياعاً
لَهنَّ الليلُ سترٌ، والبلاءُ
هناك ترى الحسينَ على رمالٍ
يَسفُّ عليهِ من ريحٍ عزاءُ
وعيناً أُطْبقتْ ودماهُ غطَّتٌ
أصابُعُهُ تُمدُّ ولا تُجاءُ
أَ أَوْجعَ سهمُ حرملةٍ قلوباً ؟
وفي العباس من دمِه امتلاءُ
وفي ذبحِ الرضيع دمٌ رقيقٌ
كأنَّ الوردَ دون يدٍ إناءُ
وأفجعُ ما يُغيضُ الحرَّ فيها
عباءةُ زينبٍ برزتْ، وشاؤوا
لَحقَّ لك القِصاصُ بمن عليها
وحقِّكَ أنَّهمْ فيكم أساؤوا
وإنَّكَ لستَ توسعُها قضاءاً
بأنملةٍ، وأنتَ بها قضاءُ
مُحرَّمُ جاءَ فيكَ وجئتَ فيهِ
فأيَّكُما لصاحبِه الوِقاءُ ؟
وأيَّكُما خلودٌ كان يحيى
وحقَّ به لصاحبِه بقاءُ ؟
وأيَّةُ حرمةٍ هُتِكتْ وأدري
بأنَّكما ذبيحان سواءُ
وأيَّكُما الفداءُ وماعليها
لَوْأنَّ الموتَ غصَّ به الفداءُ
مفارقةٌ ستنكرُها الحكايا
بأنَّ الواهبات هي العطاءُ
تنكَّرت الحياةُ وحين ولَّتٌ
وأدبرَ عنك معروفٌ جزاءُ
ولم يَتَبقَّ فيها من إناءٍ
وقد وَلَغتْ به حتى الجِراءُ
وحقٌّ باطلٌ ولذيذُ عيشٍ
علا بالجورِ فيهِ الادعياءُ
رغبتَ لقاءَ ربِّكَ وهو حقٌّ
سعادةَ أن يكون به اللقاءُ
برمت الظالمين وقد تلوّتْ
سياطُ البغي وانكشف الغطاءُ
ولستَ من العبيد يقرُّ ذلّاً
وجدُّكَ فيه أحمدُ والعلاءُ
ولا لَعَقَ اللسانُ هناك ديناً
ودينُ الحرِّ موتٌ وابتداءُ
وكنتَ بها الحسينَ وأيُّ نفسٍ
بصدرِكَ حين ينتحرُ الإباءُ
ويالغةَ الجراح على شفاهٍ
تأبّى أن يكون بها شفاءُ
ويامُدُناً تقولُ لهاجريها
وضاقت دونهم أرضٌ فجاؤوا
ويامعنى الحروف إذا تجلّتْ
بقائِلِها وقد ضاق الهِجاءُ
إذا الإنسانُ كان بها خساراً
فنعمَ البيعُ فيهِ والشراءُ
وقفتَ بها، قيامتُه انبعاثٌ
وإنَّ فخارَ كل القول:لاءُ
و”لا” عند الحسين أعزُّ كونٍ
إذا قالت: نعمْ فيها النساءُ
وجيه عباس
6-7-2024