بقلم : سعد الأوسي ..
فساد موظف حكومي و خيانته الامانة امر محتمل بل ومحتمل جداً في الزمن الاسود الذي نعيشه بعد ان صارت اليد الامينة نادرة والذمة النظيفة استثناءً،
وكلما علا المنصب وارتفع عنوان المسؤولية عظمت المصيبة و افتدح الضرر واستحال العلاج.
لذلك كانت مصائبنا منذ عشرين سنة حتى الان مثالاً اعجازيا حيّر العالم في حجم ونوع الفساد الحكومي واللصوصية الوقحة لانه يرتكب في اعلى المناصب وعلى ايدي الحماة المكلفين امام الله والشعب بصيانة الامانة وحفظ المصالح والدفاع عن الحقوق !!!!.
ولاننا شعب ألِفَ القهر والاضطهاد والخوف والصمت كنا وما نزال لا نجرؤ ان نعترض امام الحاكم على كل مايفعله بنا حتى وهو يغامر بدمائنا ويهدر ثرواتنا في عبث بطولاته الوهمية.وكنا نصبر الصبر الطويل على امل التغيير.
ويوم حدث التغيير اكتشفنا اننا استبدلنا المصيبة بمصيبة اكبر و هربنا من فوضى العبث والدم واوهام البطولة الى فوضى الفساد واللصوصية وخيانة الامانات التي ترتكبها اكبر المناصب واعلى الرموز.
وبعد ان كنا نرى في الزمن السابق فساد الشرطي او موظف البلدية او حارس باب المستشفى، عيبا وفعلا مشينا يختجل منه وينظر له باحتقار و تلاحقه اجهزة الامن والقانون، صرنا نرى في الزمن الحالي فساد مدير الشرطة و رئيس البلدية والمدير العام و وكيل الوزارة والوزير و ………..
امرا عادياً ونألفه ونقبله ونصمت عنه وبالطبع لا نعدّه شيناً وعيباً، بعد ان صار الجميع فاسدين يسرقون ويتآمرون و يخونون الله ورسوله و يبيعون البلاد والعباد والذمم والضمائر بفتوى ان المال العام حلال زلال لانه مال الله لا صاحب له من بني الانسان ، فهو مباح مستباح كالمطر والنفط و الخرّيط على حد قول اهل الدين والقداسة !!!!!.
وكلما آنسنا من مسؤول جديد رشداً وصلاحاً وامانةً واستبشرنا به خيراً مصدقين وعوده الكريمة جاءتنا الوقائع والاحداث بفساد اعظم و ذمم اعفن وايدٍ اكثر خيانة وسرقة.
وليت الامر اقتصر على السرقات والعمولات ونهب املاك الدولة،
(( اقول (ليت) لاننا من كثر (الدمغات) اللي اكلناها على روسنا بها العشرين سنة تعودنا وتبلدنا و فقدنا الاحساس ))
الا ان الحكومات الاخيرة بعد ان ايقنت من موت اصواتنا المعترضة سريرياً وفقداننا لحاسة الرفض وقبولنا بخسارة الجزّة والخروف بكل طيب خاطر، ارتأت ان تزيد من جرعة الاستمراء والتجبر والطغيان، فزادت على اللصوصية والفساد واحتقار ارادة الشعب، بالعمل على اعادة الدكتاتورية وممارساتها من جديد والعمل على استنساخ تجربة القائد الاوحد الملهم الحكيم البطل مرة اخرى.
وربما تمثلت مظاهر الدكتاتورية الجديدة جليّاً في محاصرة وتطويق الاصوات المعارضة الحرة في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والعمل على اخراسها باستخدام اجهزة الدولة وامكاناتها واموالها و انشاء الجيوش الالكترونية التي تتكفل بنشر الشائعات ومحاربة الخصوم السياسيين والتشهير بالمعارضين وغلق المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي لكل من يقف بوجه الحكومة او يعترض او ينتقد مظهرا من مظاهرها او ينشر وثائق تفضح العمولات والصفقات المشبوهة فيها !!!؟؟؟
مع ان هذا النهج (الارهابي) في مصادرة الرأي وقمع الصوت لا يتسق ابدا مع الدستور الاعلى للبلاد ولا مع الوعود السياسية التي قطعتها لنا مجموعة الاطار التنسيقي في الانتخابات، ولا مع خطة الاصلاح الحكومية التي منّتنا بغد ابهى و حياة اجمل و مساحة اكبر من الحرية والديمقراطية.
وبصفتي واحداً من كبار المعارضين المشاكسين كما صنفتني اغلب الحكومات المتتالية في العراق الديمقراطي المزعوم، و اختصتني ببركات اضطهادها وقهرها وصراعها غير المعلن على عكس ما تظهره الصور والاخبار التي تظهرني مع السادة الرؤساء والوزراء مبتسمين ضاحكين قريبين كأننا اولياء حميمون.
وقد اكتشفت غير آسفٍ ولا مأسوفٍ عليّ ان العديد من دولاتهم ومعاليهم وسياداتهم يغمرونني في احضانهم الاخوية بينما يوقعون بايديهم قرارات نارية ضدي قصد ان يقطعوا عني الماء والزاد والهواء، لولا الارادة الالهية التي تدفع عني الكيد والغل وتحميني من مؤامرات الظلام كل مرة ربما ببركة دعاء الوالدين رحمهما الله.
ولعل الهجمة الالكترونية الاخيرة ضدي والتي قام بها فريق محمد جوحي الموظف في مكتب رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني مثالا جديدا صارخا على ما اسلفت ذكره باغلاقه عدة صفحات لي سأذكر بعضها ،
وقد اتهم جوحي – اخيراً- بالتنصت والتجسس على السياسيين والاعلاميين واستخدام جيش الكتروني قوامه عشرات الموظفين والضباط في مكتب رئيس الوزراء لهذا الغرض !!!؟؟؟؟
والجوحي الصغير هذا هو ابن اخ الجوحي الكبير (رائد جوحي) القاضي الهارب من احكام عديدة بالسجن بتهم الفساد والاختلاس واستغلال المنصب عندما كان مديرا لمكتب رئيس الوزراء الكاظمي.
ومحمد جوحي الذي كان موظفا صحياً تم نقله انتقالة سحرية إلى مكتب رئيس الجمهورية في زمن الرئيس الكاظمي وبامر من عمه رائد، ثم قرر مكتب الرئيس السوداني نقله إلى مكتب رئيس الوزراء ليشغل ثلاثة مناصب اقلّها معاون مدير عام الدائرة الإدارية !!!.
و تقول الكواليس السياسية انه كان بمثابة اليد القذرة التي تتولى قبض اموال الرشى والعمولات لصالح عمه ،لذا بدا من المستغرب ان يقرر مكتب الرئيس السوداني الخاص نقل خدماته اليهم رغم افتضاح اعمال عمه وملاحقته قضائياً والحكم عليه والاشارات الصارخة الى تورط محمد فيها.
وكان المفروض والمتوقع بتر هذه النماذج العفنة من جذورها حال انكشاف امرها خاصة في الدوائر الحكومية العليا بالغة الحساسية.
وقد تأكد عندي في الفترة الاخيرة ان حملتي الاعلامية الاخيرة ضد الحيتان الكبيرة وصفقاتهم الفاسدة للاستحواذ على املاك ثمينة جدا من املاك الدولة تبلغ مليارات الدولارات بقرارات واستثناءات مريبة جدا، لصالح سعدي وهيب ويزن مشعان الجبوري وسرمد خميس الخنجر، قد اثارت وكر الدبابير فقرروا غلق صفحتي على الفيس بوك التي يتابعها 2 مليون قارئ، وصفحتي الاحتياطية الأخرى التي يتابعها اكثر من خمسة ملايين قارئ و فيها اغلب مقالاتي التي افخر انها تحظى باكبر عدد مشاهدات وقراءات على مستوى العراق والعديد من الدول المجاورة، وتتجاوز مئات الاف القرّاء، وتختص بفضح هذا النوع من المفسدين اللصوص ومن يقف وراءهم في الجهاز الحكومي.
وللأسف اظهرت المراسلات الرسمية والتحريات التي قام بها فريق عملي المختص، ان البلاغات والشكاوى ضد الصفحتين صادرة من ايميلات حكومية تابعة لرئاسة الوزراء و تحديدا من قبل محمد جوحي وفريق عمله !!!؟؟.
حتى لو احسنت الظن كأقصى ما يستطيعه كرم الاخلاق والحلم و سعة الصدر ، ترى ماذا يجب ان اظن بدوافع هذا العمل المشين ؟؟؟
ولصالح من جرى تنفيذه ؟؟
وقبل ذلك بامر من يا دولة الرئيس ؟؟؟
اتوقع ان الصداقة التي تجمعنا تقتضي منك رداً منصفاً كي اتبين وسواي الخيط الابيض من الخيط الاسود في مدى حريتنا الاعلامية والشخصية في بلد يكفل كليهما بالقانون والدستور !!!
اليس كذلك ؟؟؟