الريشة التي حركت ضمائر العالم
بقلم : مرفت محمد عبدالله ..
ناجي العلي، يا عبقري الفن وأيقونة المقاومة كيف استطعت أن تخلق من خطوط بسيطة شخصية تهزّ الضمائر وتنير الوجدان؟ كيف جمعت في “حنظلة” كل أوجاع وآمال الشعب الفلسطيني، كل دمعة طفل وكل صرخة أم كل حجر مقاوم وكل غصن زيتون؟ لقد أضأت بعبقريتك معاني الصمود والكرامة في قلوب الملايين.
(حنظلة) بظهره المدبّر ويديه المشبوكتين خلف ظهره، يقف شاهداً على الظلم والتخاذل يحمّلنا مسؤولية الاستيقاظ والعمل من أجل العدالة. عيناه المغيبتان عن العالم ترى ما لا نراه تشهد على كل خيانة وصمت عربي إنه صوت الضمير الذي يأبى أن يموت وهو النداء الذي لا يزال يتردد في أذاننا: متى نستيقظ من غفلتنا؟ متى نعيد الكرامة لأصحاب الأرض؟
ظهرت شخصية حنظلة لأول مرة عام 1969، وسط أجواء مليئة بالاضطراب والمعاناة للشعب الفلسطيني. كان ناجي العلي فنانا بارعا في التعبير عن مشاعر شعبه وآلامهم واستطاع من خلال خطوطه البسيطة أن ينقل رسالة قوية ومؤثرة.
حنظلة بوجهه المغيب عن العالم، يرمز إلى البراءة المسلوبة والقوة الكامنة في النفوس والتي تستمد جذورها من الأرض والوطن.
إن حنظلة لم يكن مجرد رسم، بل كان صوت الضمير الذي يأبى أن يموت. في كل لوحة، كان ناجي العلي ينقل بمهارة وبراعة معاناة شعبه، ويوصل رسائل مليئة بالأمل والتحدي. لقد أضفى على حنظلة صفة الخلود، وجعل منه رمزاً عالميا للنضال من أجل العدالة والحرية.
حنظلة ليس مجرد شخصية كاريكاتورية، بل هو انعكاس للوجدان الجمعي للشعب الفلسطيني. إنه الطفل الذي يحمل في طياته قصص الأمل والألم، والصمود والمقاومة. بظهوره الدائم في رسومات ناجي العلي، كان يذكرنا بأن النضال لا ينتهي، وأن الحق لا يموت مهما طال الزمان. كان ناجي العلي يبدع في نقل تلك الرسائل القوية من خلال حنظلة بأسلوبه الفريد والبسيط، ولكنه عميق ومؤثر.
رحم الله ناجي العلي، الفنان الذي استطاع أن يجسد معاناة وآمال شعبه من خلال حنظلة، وجعل من هذه الشخصية رمزا خالدا للصمود والتحدي. بفضل عبقريته، سيظل حنظلة يقف شامخاً في ذاكرة الأجيال، يذكرنا دائماً بأن الفن يمكن أن يكون سلاحاً قوياً في مواجهة الظلم وأن الأمل لا يزال حياً في نفوس من يناضلون من أجل الحق والعدالة.