غربان فوق بيت الشيطان
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هل لاحظتم التناغم والانسجام العجيب بين توجهات البيت الأبيض وبين القوى الاسلاموية الداعمة للولايات المتحدة الأمريكية والسائرة في ركابها ؟. .
حتى امريكا نفسها أضحت مذهولة ومندهشة من هذا الدعم اللا محدود، الذي يصب في مصلحتها، ويعزز خطواتها في محاورها القتالية والتوسعية. .
نحن لا نتحدث هنا عن مشاركة المسلمين في الحرب المهلكة التي دارت رحاها بين الروس والأمريكان في جبال ووديان افغانستان. والتي راح ضحيتها الآلاف، وكان فيها الأجر والثواب محسوما على النهج البنتاغوني. ولا نتكلم عن زحف الجيوش الإسلاموية في الهجوم على العراق، تارة خلف قطعات (المجاهد) شوارسكوف. وتارة خلف قطعات (المجاهد) كولن باول. وانما نتكلم عن وقائع موثقة نشهدها أمام أعيننا كل يوم في سوريا ولبنان والعراق وأماكن متفرقة فوق الأرض. فكلما أقدمت القوى الأجنبية على قتل او اغتيال رمزا من رموز العرب أو المسلمين صفق لهم الإسلامويون وصدحت مكبراتهم بالزغاريد والأهازيج، وكلما شنوا غاراتهم ضد مدننا ومطاراتنا طار الإسلامويون فرحاً وابتهاجاً، ورفعوا اصواتهم بالدعاء: (اللهم إضرب الظالمين بالظالمين واجعل كيدهم في نحورهم). .
فعندما كانت القنابل الفسفورية تتساقط في جباليا وفوق جنوب لبنان كان الأدلبيون والحلبيون يوزعون الحلوى في الساحات، وعندما انطلقت التهديدات باجتياح العراق من جديد كان الإسلامويون يتبادلون التهاني والتبريكات تعبيرا عن فرحتهم الغامرة بقرب تقسيم العراق وتجزئته. لكنهم كلما توغلت الدبابات الاسرائيلية في القنيطرة واقتربت من دمشق دفنوا رؤوسهم بالرمال، في حين تتصاعد صيحاتهم في مكان قريب بعودة الدولة الأموية إلى سدة الحكم. وانتشرت تهديداتهم ضد السيد زينب، وكأنهم يخوضون حربا انتقامية ضد طوائف الشعب السوري، الذين شهدوا مآسي المرحلتين (السابقة واللاحقة). .
نشعر احيانا اننا إزاء هجمة طائفية وشيكة الوقوع ضد الشيعة، والدليل على ذلك الخطاب الصريح الذي أدلى به السيناتور الجمهوري ليندسي كراهام وطالب فيه بسحقهم وتدميرهم، عقابا على مواقفهم الداعمة لفلسطين، زاعما في خطابه ان الشيعة يشكلون خطرا على اليهود، وطالب ايضاً باتخاذ اجراءات فورية لمنع النشاطات الشيعية كافة، لكن المؤسف له ان تلك التصريحات وجدت قبولا وترحيبا من الفصائل المتطرفة. في حين تغافلت الكيانات السياسية الشيعية في العراق عن هذه التصريحات المباشرة التي تهدد وجودهم، وتحرض على قتلهم. .
وقد فوجئنا منذ ايام بتغريدة الاردني (حذيفة عبدالله عزام) التي يدعو فيها الجولاني لذبح العلويين والدروز والشيعة، وينصحه بقتلهم في العتمة دون تصوير. هذا يعني ان المنطقة برمتها سوف تشهد حملات ارهابية ضد الطوائف والأقليات وبتوجيهات مباشرة من البيت الأبيض في ضوء ما ورد على لسان ليندسي. .
السؤال الأخير: هو لماذا تزامنت وتناغمت الخطوات الأمريكية مع الدعوات الاسلاموية المتطرفة ؟. ولماذا تعالت الصيحات الارهابية ضد الطوائف والأقليات ؟. .