بلاويكم نيوز

المصرف العراقي للتجارة .. بين خدمة المواطن واستنزافه بنسب خيالية

0

بقلم : د. محمد سلام ..

في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون المصارف العراقية أداة لدعم الاقتصاد الوطني وتيسير حياة المواطنين حيث نجد أن المصرف العراقي للتجارة (TBI) يسير في اتجاه معاكس تماماً، متبنياً سياسات مالية تثقل كاهل المواطنين والموظفين على حد سواء. فبدلاً من تقديم قروض ميسرة تساعد في تحسين مستوى المعيشة نجد أن المصرف يفرض نسب فوائد خيالية تكاد تكون بمثابة استغلال رسمي للأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق.

القروض: فرصة أم فخ مالي؟

توجهت بنفسي إلى أحد فروع المصرف للاستفسار عن تفاصيل القروض “المترفة” التي يروج لها على أنها حلول مالية للمواطنين استقبلني الموظف بقائمة طويلة عريضة توضح نسب الفوائد ومدة السداد وكانت المفاجأة الصادمة لي حين اكتشفت أن القروض ليست سوى فخ مالي محكم.

على سبيل المثال عند التقديم للحصول على قرض بقيمة 50 مليون دينار تكون الفائدة المترتبة على القرض أكثر من 16 مليون دينار! وهذا يعني أن المواطن مطالب بإرجاع 66 مليون دينار في نهاية فترة السداد أي منطق اقتصادي يبرر هذا الاستنزاف؟ كيف لموظف حكومي يتقاضى راتباً محدوداً أن يتحمل أعباء قرض بفائدة كبيرة؟ أليس هذا استغلالاً ممنهجاً لجيوب المواطنين بدلاً من دعمهم؟

وهنا أضع مقارنة مع البنوك الإقليمية والدولية

عند مقارنة هذه النسب مع تلك المعتمدة في دول الجوار أو حتى البنوك العالمية سنجد فجوة كبيرة تثير التساؤلات حول مدى شفافية وعدالة سياسات المصرف العراقي للتجارة فبينما تسعى معظم المصارف لتقديم قروض بفوائد معقولة لتحفيز الاقتصاد يبدو أن مصرف TBI يتعامل بمنطق الربح الأقصى بغض النظر عن العواقب الاجتماعية والاقتصادية والحرمة الشرعية لذلك القرض.

في الدول المجاورة تقدم القروض بفوائد منخفضة لضمان تحريك السوق ودعم المشاريع الصغيرة بينما في العراق المواطن يخرج من قرض ويدخل في آخر ولا يجد أي فرصة للراحة أو الاستقرار المالي.

المثير للدهشة أن هذه السياسات تمر دون رقابة حقيقية أو تدخل من الجهات الحكومية وهنا نطرح تساؤلات! أين دور البنك المركزي العراقي في ضبط هذه التجاوزات؟ وأين هي الجهات التشريعية التي يفترض بها حماية المواطن من مثل هذا الجشع المالي، إن غياب المساءلة يفتح الباب أمام المصارف الأخرى لاتباع نفس النهج مما يهدد استقرار السوق المالي ويزيد من معاناة المواطنين.

إن استمرار المصرف العراقي للتجارة في فرض هذه النسب الخيالية هو تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد ويجب على الجهات المسؤولة التدخل الفوري لإعادة تقييم سياسات القروض وضمان تقديم خدمات مالية عادلة تعود بالنفع على المواطن أولاً والاقتصاد الوطني العراقي ثانياً.

وهنا نقولها بوضوح المصرف العراقي للتجارة مطالب بأن يكون شريكاً في التنمية وليس عبئاً إضافياً على كاهل المواطنين والان حان الوقت لوضع حد لهذا الاستغلال المقنع تحت شعار “الخدمة المصرفية” فالمواطن العراقي يستحق نظاماً مصرفياً يخدمه لا يستنزفه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط