لو كنت شيطان … ماذا تفعل ؟؟
بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

الوسائل التي تجعل المجتمعات تتقبل الانحراف دون أن تدرك خطورته؟
1.التدرج في الانحراف ( الزحف البطيء نحو الخطأ )
تحويل الإنسان من الفضيلة إلى الرذيلة بالتدريج ، عبر خطوات صغيرة لا تُشعره بالخطر.
هذا الأسلوب يعتمد على مبدأ ( التطبيع التدريجي ) حيث يتم تقديم الأفكار المنحرفة بشكل بطيء ومتدرج حتى تصبح مقبولة اجتماعيًا.
على سبيل المثال، يبدأ الأمر بتبرير أفعال بسيطة تبدو غير ضارة، ثم يتم التوسع فيها تدريجيًا حتى تصبح جزءًا من الثقافة العامة.
هذا النهج يستخدم في كثير من السياسات الاجتماعية والإعلامية لإعادة تشكيل المفاهيم ببطء حتى لا يشعر المجتمع بوجود تغيّر جذري.
2.تشويه المفاهيم ( قلب الحقائق لصالح الانحراف )
من أخطر الأساليب هو إعادة تعريف الفضائل والرذائل، بحيث تصبح الأخلاق قيودًا، والانحراف تحررًا.
على سبيل المثال، يُنظر إلى الحياء والعفّة في بعض الثقافات اليوم على أنهما تخلّف، بينما يُروَّج للتفسخ الأخلاقي على أنه تطور وانفتاح.
هذا التلاعب بالمفاهيم يجعل الإنسان يفقد البوصلة الأخلاقية، فلا يعود يميز بين الخير والشر.
- إلهاء العقول (صناعة مجتمع السطحية)
عندما يكون الإنسان مشغولًا بتوافه الأمور، فإنه يفقد الاهتمام بالقضايا العميقة. لهذا، يتم توجيه الإعلام والمحتوى الترفيهي نحو صناعة جيل مستهلك للمتعة اللحظية، لا يفكر في مصيره، ولا يسأل عن معنى وجوده. وهنا يأتي دور وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهلك وقت الأفراد دون أن تقدم لهم فائدة حقيقية، مما يخلق حالة من الفراغ الفكري والروحي. 4.ضرب القدوات (تشويه الرموز الصالحة )
أي مجتمع يحتاج إلى قدوات أخلاقية وفكرية تقوده نحو القيم الصحيحة.
لهذا، فإن إحدى أهم استراتيجيات الإفساد هي تشويه صورة العلماء والمصلحين والمفكرين المستقلين، حتى يفقد الناس ثقتهم بهم.
في المقابل، يتم تقديم شخصيات سطحية فاسدة أو منحرفة كنماذج يُقتدى بها، مما يؤدي إلى تدمير البناء القيمي من الداخل. 5.تقديم بدائل منحرفة ( خلق رموز زائفة )
إذا لم يكن هناك قدوات صالحة، فلا بد من صناعة قدوات بديلة تقود المجتمع في الاتجاه الخاطئ.
لذلك نرى أن وسائل الإعلام تروّج لمشاهير لا يقدمون قيمة حقيقية، بل يرسخون قيم الاستهلاك، والشهرة الفارغة، والانحلال.
بهذه الطريقة، يتم توجيه الأجيال الجديدة نحو الاهتمام بمظاهر تافهة بدلاً من التركيز على قضايا ذات معنى.
6.التلاعب بالمصطلحات ( تغيير دلالات الكلمات )
الكلمات تحمل قوة هائلة في تشكيل وعي الإنسان، ولذلك يتم التلاعب بها لإعادة برمجة المفاهيم.
على سبيل المثال، أصبح يُطلق على الانحلال الأخلاقي حرية شخصية بينما يُوصف التمسك بالقيم بأنه تطرف.
هذه الأساليب تجعل الإنسان يشعر بأنه محاصر فكريًا، وغير قادر على مقاومة التيار العام.
- بث الشكوك ( زعزعة اليقين الروحي والفكري )
الإنسان بحاجة إلى اليقين ليعيش حياة مستقرة.
لهذا، فإن إحدى أخطر الاستراتيجيات المستخدمة لإبعاد الناس عن القيم الصحيحة هي نشر الشكوك في كل شيء في المبادئ الدينية، في الأخلاق، في العائلة، وحتى في هوية الإنسان نفسه.
هذه الفوضى الفكرية تجعل الإنسان ضائعًا، يبحث عن أجوبة في أماكن خاطئة، مما يسهل السيطرة عليه وتوجيهه. - ( استغلال الضغوط الاقتصادية والاجتماعية )
في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يصبح الإنسان أكثر عرضة للتأثر بالانحراف.
يتم استغلال هذه الظروف لتقديم حلول سريعة ومزيفة، مثل الترويج للفساد كوسيلة للنجاح، أو تشجيع السلوكيات غير الأخلاقية كطريقة للهروب من الواقع.
هذه الحلول الزائفة تجعل الإنسان يتخلى عن قيمه مقابل تحقيق مكاسب مادية أو اجتماعية. - ( تدمير الأسرة الضربة القاضية للمجتمع )
الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، وإذا تم تدميرها، فإن المجتمع كله ينهار.
يتم ذلك من خلال تشجيع التفكك الأسري، وتقليل قيمة الزواج، وترويج العلاقات غير الشرعية على أنها بديل عن الأسرة التقليدية.
هذا التدمير الممنهج للأسرة يؤدي إلى خلق جيل غير مستقر نفسيًا واجتماعيًا، مما يسهل السيطرة عليه.
كيف نحمي أنفسنا من هذه الاستراتيجيات؟
لمواجهة هذه الأساليب، لا بد من الوعي العميق بالمفاهيم، وعدم الانسياق وراء التيارات الفكرية دون تحليل ونقد.
كما يجب تعزيز القيم الأصيلة، والبحث عن مصادر موثوقة للمعرفة، والتمسك بالقدوات الصالحة.
والأهم من ذلك، يجب أن يكون الإنسان واعيًا بأن المعركة الحقيقية ليست فقط في الظاهر، بل هي معركة على مستوى الفكر والقلب.
خطوات عملية للحماية من الانحراف
1.التعليم والتربية :- تعزيز القيم الأخلاقية والدينية منذ الصغر، وتشجيع التفكير النقدي.
2.الوعي الإعلامي :- عدم الانسياق وراء كل ما يتم تقديمه عبر وسائل الإعلام، والتحقق من المصادر.
3.بناء الشخصية القوية :- تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة.
4.التواصل مع القدوات الصالحة :- البحث عن نماذج إيجابية في المجتمع والاقتداء بها.
5.التفكير العميق :- عدم التسرع في الحكم على الأمور، والبحث عن الحقائق بعمق.
بالمعرفة والتأمل العميق، يمكننا أن نحافظ على وعينا، وألا نكون أدوات في لعبة تغيير القيم التي تستهدف المجتمعات عبر الزمن.