المقالات

بيع (إستراتيجية الوهم) من صدام حسين إلى قادة الخضراء!

بقلم : د. سمير عبيد ..

أولا : هناك قضية مهمة لابد من اعادة التذكير بها مراراً لكي يعرف الجميع (لماذا نطالب بالتغيير والتصحيح في العراق)فنحن لسنا من عشاق أمريكا ولا إيران ولا تركيا ولا إسرائيل ، ولسنا من عشاق الدم، بل من عشاق السلام والبناء والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية . ولكن ان القضية التي يجب ان نتوقف عندها ونوضحها هي ان تلك العملية السياسية العرجاء والفاشلة في العراق، اي التي بدأت في عام ٢٠٠٣ والتي لم تأت من فراغ بل جاءت بدماء و بتضحيات جسيمة جدا .وكنا على المستوى الشخصي احد الذين اعطوا التضحيات من اجلها .ولكن ( الكويت، وايران، والمحافظون الجُدد والإنجيليون الذين هيمنوا على قرارات ادارة بوش الابن، ورئيس وزراء إسرائيل الراحل شارون ) هم هؤلاء الذين شوهوا خاتمة مشروع المعارضة العراقية لإدارة العراق بعد سقوط نظام صدام حسين . بحيث منعوا ذلك المشروع السياسي الوطني المُقرّر من قبل المعارضة الوطنية في الخارج . ففرضوا بديلا عنه وهو ( نظام سياسي هجين وغريب في العراق) ،وتقوده نسبة عالية من جماعات تتكون من العملاء والفاشلين وكارهي العراق والعروبة والمتاجرين بالدين والشعارات الوطنية . وذروا الرماد في العيون باشراك قلة قليلة جدا من الوطنيين والمضحين مع قطع ألسنتهم ان صح التعبير. لكي لا يعترضوا على سياسات وأفاعيل ودمار وخراب وتنازلات تلك النسبة من العملاء والفاشلين الذين قادوا ويقودون العملية السياسية. بحيث سمحت لهم واشنطن وايران وغيرهما باعادة انتاج انفسهم في كل انتخابات وللسنة ٢٢ على التوالي . وهذا مخزي ومؤلم ولا يجوز السكوت عليه شرعيا ووطنيا واخلاقيا وقانونيا ودستوريا لان العراق بلد مهم وليس جمهورية موز!
ثانيا :-لذا فالغاية من كتابة هذا المقال هي :- لقد وصلتنا رسائل واستفسارات كثيرة من عراقيين في الداخل والخارج وهم يسألون ( أنتم تنادون بالتغيير ،وهناك من يكتب وينشر ويتكلم ان التغيير السياسي في العراق على الابواب … وبنفس الوقت ان الاحزاب الحاكمة والكتل السياسية المهيمنة والتي هي عصب النظام الحاكم داخل العراق تعمل تحالفات انتخابية، واطلقت دعاياتها الانتخابية، وباشرت في الأصطفافات الطائفية والحزبية والفئوية، واحتدم التلاسن والتخوين والتسقيط وكسر العظام ان صح التعبير استعدادا للانتخابات … فهل هؤلاء خارج التغطية ام جماعة الذين يبشرون بالتغيير كاذبين ومنافقين ؟)
ثالثا:- الجواب على رسائل الاخوة العراقيين هو :-
أ:- نستطيع القول ان التاريخ يُعيد نفسه أحيانا . فعندما نتفحص ونتابع السياسيات الأميركية والغربية وحتى الاسرائيلية تجاه العراق ونظامه السياسي الحالي و الذي اصبحت هويته الفساد والانبطاح والتبعية للخارج فنراها تتشابه مع السياسات الاميركية والغربية التي مورست ضد ومع نظام صدام حسين في آخر ايامه تقريبا !
ب:-ففي الفترة المتوسطة والقليلة التي سبقت سقوط نظام صدام حسين كانت الولايات المتحدة ترسل الطائرات والبارجات والصواريخ المختلفة والأسلحة الحديثة ” في حينها “وآلاف من الجيش الاميركي والبريطاني والحلفاء نحو القواعد الاميركية في دول الخليج والمنطقة وفي البحر والمحيطات من جهة ، ومن جهة اخرى كانت واشنطن ولندن ترسلان الوفود السياسية والاقتصادية ووفود الشركات الكبيرة إلى بغداد واللقاءات مع قادة نظام صدام حسين وكذلك كانت واشنطن ترسل المسؤولين الخليجيين والعرب حلفاء امريكا الى العراق وإجراء اللقاءات مع صدام حسين شخصيا ومع قادة نظامه وضمن استراتيجية ( بيع الوهم ) إلى صدام حسين وأركان نظامه بحيث اطمأنّوا ان موضوع تغيير الحرب ماهو إلا تهويل وإعلام فتخدّر صدام واركان نظامه حتى جاء الزلزال ( الغزو ) واقتلاع نظام صدام حسين وتشتيت اجهزته العسكرية والاستخبارية والإعلامية والمخابراتية والأجهزة الامنية المختلفة بحيث لم يجد صدام حسين متر واحد فوق الارض فقرر النزول تحت الأرض والبقية تعرفونه !
ج:-ولو تابعتم سياسات الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب تجاه العراق منذ فترة وحتى الان هي ايضا ( استراتيجية بيع الوهم ) إلى حكومة السوداني والطبقة الحاكمة في الخصراء . حيث أمريكا وبريطانيا والغرب يرسل الرسل والوفود والشركات ويوقع العقود والشراكات مع العراق بحيث ان ادارة ترامب ارسلت ١٠١ شركة قبل شهر إلى العراق والتقت مع رئيس الحكومة محمد السوداني والوزراء المعنيين ووقعت على شراكات ومشاريع وعقود ثم ارسلت السفير السابق خليل زلماي زاد ليطمئن الحكومة العراقية.وغضت واشنطن النظر عن التقارب والتلاقي بين السوداني واحمد الشرع ( الجولاني سابقا) وغضت النظر عن تحضيرات القمة العربية وعن قرارات القضاء برفع القضايا عن محمد الحلبوسي. وغض الطرف الاميركي عن لقاء الحلبوسي مع رئيس الاستخبارات الاماراتية الشيخ طحنون ، وغضت واشنطن الطرف عن افتتاح مقرات الحوثيين وحماس وماهر الاسد في العراق ،وعن مخطط بيع ( خور عبد الله ) إلى الكويت واصرار السوداني والرئيس رشيد على إتمام صفقة التنازل عن خور عبد الله . واعلان واشنطن انها سوف تنسحب من العراق قبل شهر سبتمبر . وغضت واشنطن النظر عن الذين يطالبون بتقسيم العراق وولادة اقليم شيعي واقليم سني . !وذهبت واشنطن نحو ايران لطلب المفاوضات وبالفعل بدأت واشنطن وطهران بمحادثات خاصة بوساطة عُمانية .والاهم الصمت الاسرائيلي والتوقف عن تهديد الفصائل المسلحة والمليشيات في العراق بحيث شعرت تلك الفصائل المسلحة والمليشيات بالامان والخدر وراحت لتؤسس حركات واحزاب خاصة بها لتشارك في الانتخابات القادمة …. هذا كله اغراق حكومة السوداني وإغراق قادة النظام السياسي والمليشيات باستراتيجية ( بيع الوهم ) والذي غرقوا فيه حتى آذانهم ومثلما غرق فيه صدام حسين وأركان نظامه من قبل !
رابعا:- وهنا تبرز اسئلة مهمة وهي :-
أ:- الذي يعلن الانسحاب قبل سبتمبر من العراق كيف يُدخل ما مجموعة ( ٦ قواعد أميركية ) نحو العراق متجهة من سوريا ( بعد قرار الانسحاب من سوريا نحو العراق ) اي آلاف المعدات والدبابات والأسلحة المختلفة وآلاف الجنود بحيث اصبحت قاعدة حرير في حالة توسع كبير ، وتأسيس قواعد أميركية جديدة في دهوك وصلاح الدين وفي مناطق اخرى !
ب:- وهاهي واشنطن قررت ايقاف المحادثات مع ايران وعادت للتهديدات ضد ايران وحلفاءها في المنطقة ومنهم النظام في العراق .وهي اشارة واضحة لاستكمال نقل الجيش الاميركي والمعدات والصواريخ والسفن وحاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط والمنطقة والمياه الاقليمية والاستعداد إلى تنفيذ السيناريوهات المُعَدّة سلفا ومنها في العراق !
ج:- نحن نتوقع بدأنا نقترب بقوة لإيقاف ( بيع الوهم ) الذي غرقوا فيه في العراق وايران والمنطقة والشروع بالزلزال في العراق لإقتلاع النظام السياسي كله ( سياسيا ودينيا ومليشياتيا ) ومثلما فعلوا بنظام صدام حسين بالضبط.
الخلاصة : لا انتخابات.. لان الرحيل باذن الله سوف يكون قبل موعد الانتخابات ! وماتشاهدونه من اندفاع وتحالفات انتخابية ماهو إلا غرق مع سبق الاصرار في استراتيجية بيع الوهم الاميركي !
سمير عبيد
٣ مايو ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى