هادي جلو مرعي
طرق الإنتحار متعددة، ويمارسها كثر من الناس للتخلص من حياتهم من النساء والرجال، واليافعين، والاسباب متعددة أيضا، وهناك من ينتحر بسبب الحرمان والجوع والشعور بالفشل والإحباط، ولكن هناك من ينتحر لفرط الترف، وتحقق كل الأحلام، والشعور باللاجدوى، والملل من الحياة، ولعل إنتحار المصرية من جذور إيطالية داليدا مثال على اللاجدوى، والفراغ الروحي، وقد كتبت رسالة لمحبيها نشرت بعد رحيلها جاء فيها: أعذروني أصدقائي سامحوني فالحياة لم تعد تطاق، ومثلها فنانون وكتاب ورسامون وناس عاديون، والأسباب لاتعد ولاتحصى.
لكن أن يقرر جميع سكان الأرض الإنتحار فهذا أمر محير، ولكنه مفهوم لمن يدرس سلوك البشر، وحركة الشعوب، وسياسات الحكومات، والمنافسة بين الدول حيث تشتد المواجهة عسكريا وإقتصاديا، وتستمر محاولات الهيمنة دون توقف، وتلجأ الدول في صراعها الى تصنيع المعدات الحربية، وتستهلك كميات هائلة من الطاقة، وتتوزع نشاطاتها بين الزراعة والتصنيع وتربية الحيوانات بطريقة تهدد حياة البشر، وتجريف الغابات والمساحات الخضراء، وتدمير البيئة، والتخلي عن حماية بقية الكائنات التي تعمل على خلق التوازن البيئي في المحيطات والبحار والبراري، وزيادة إنتاج السيارات والمكائن التي تساهم في زيادة كمية الغازات السامة التي ينبعث الكثير منها من مصانع تعتمد النفط ومشتقاته والفحم ومواد أخرى لاتضمن سلامة البيئة.
لاتتوفر جدية في التعاطي مع أزمة المناخ، فالرئيس الأمريكي جو بايدن الذي عانى من سياسات سلفه دونالد ترامب، ومنها قراره بالإنسحاب من معاهدة باريس للمناخ، وإستهزائه بالتقارير التي تتحدث عن الإحتباس الحراري، وأرتفاع حرارة المحيطات، وكميات الغازات المنبعثة التي تصطدم بالغلاف المحيط بكوكبنا، وترتد علينا، هذا الرئيس شارك في القمة الأخيرة التي عقدت في غلاسكو عاصمة أسكتلندا، ولكن الكاميرات رصدته وهو ينام، ثم يفيق على صوت أحد مساعديه، بينما كان أحد المشاركين يلقي كلمة في المؤتمر، وقد جرى الإتفاق من دون الصين وروسيا على تقليل كمية الغازات المنبعثة، ووقف تجريف وحرق الغابات، ولكن لايبدو أن هناك إلتزاما حقيقيا من الجميع حيث تضطر الدول الكبرى لمواصلة نشاطاتها المهددة للبيئة، وهذا يذكرنا ايضا بالدعوات لوقف سباق التسلح النووي، بينما تمتلك عديد البلدان رؤوسا نووية ومعدات عسكرية تهدد الكوكب بالدمار.
جزر المالديف يتجاوز عددها الألف جزيرة في قلب المحيط الهندي، ولكنها اليوم مهددة بالإختفاء بسبب إتفاع مناسيب مياه المحيط حيث يرتفع بعضها لمتر واحد عن مستوى سطح البحر، ومثلها مدن أخرى، ودول في قارات العالم وهي خسارة سببها سلوك بشري غير متوازن، في ظل عدم جدية في البحث عن حلول ناجعة لتجاوز أزمة المناخ، حتى إن الأبقار التي تطلق كميات هائلة من غاز الميثان في البرازيل لوحدها يضاهي عدد سكان البلاد، وتستهلك كميات كبيرة من النباتات، ولأجلها يتم حرق الغابات ليتسنى زراعة النباتات التي يتم إطعامها منها. إنه إنتحار جماعي بالفعل.