الإنسان والمسيرة الإنسانية الحضارية ( الحلقة الثالثة )– العبادات ودورها في الإرتباط —
بقلم : حسن المياح …
العبادات هي التشريعات الإلهية التي تنظم حياة الآنسان الفردية والإجتماعية ، وأنها المظهر العملي لحقيقة الإرتباط الذي هو علاقة الإنسان بربه الكريم الذي خلقه … وللعبادات دورها الأساس في تهذيب سلوك الإنسان ذاتآ وتصرفآ فرديآ ، وسلوك علاقة حياة إجتماع … وأنها حلقة الوصل التي تمثل الإرتباط بكل ما فيه من معنى تواصل وإتصال من حيث الجذب والدفع … فكلما إزداد الإرتباط الواعي نمو علاقة تواصل . فأنه يثرى علاقة روح إرتباط ، ويزداد معرفة حقيقة إتصال ، لما يكشفه له الإرتباط من وثوق عرى تجاذب وتماهي المحدود الإنسان بالمطلق الله سبحانه وتعالى خالق الأكوان والإنسان …. فهو في نمو زيادة طاقات إنسجام وإلتحمام بالملك المفيض الديان معرفة وإستقامة سلوك ودماثة خلق قويم كريم ، مما يسبغها من نعم عليه المطلق والتي يتلقاها الإنسان المحدود القاصر ثروات وجود ، ومعالم طريق ، وهداية سلوك موزون دقيق مهذب بهداية من رب العالمين ….
قلنا أن الإرتباط هو واحد ، وهو علاقة الصلة والتواصل بين الإنسان المخلوق الضعيف وبين الله تعالى الخالق القادر الغني ، وهذه العلاقة هي دومآ علاقة نفع وعطاء يستفيدها الإنسان وحده ، لأنه هو دومآ محتاج الى أخذ وإكتساب لما هو عليه من فقر وآحتياج ، والغني بالذات هو دائمآ منبع عطاء سخاء . فالإرتباط هي علاقة نفع ومتح وغذاء لمصلحة الإنسان ، وهل هناك من إنسان عاقل واع يتخلى عن مثل هكذا علاقة ، وهو الذي لا يتقوم حاله لما هو عليه من عجز وضعف ، أن يرتبط ويطمئن على حاله وقود وجود وديمومة حياة في غنى دون إحتياج … ؟؟؟ !!! والعطاء هو فيض من الغنى والثراء ، وأخذ وتقبل من الفقير الخواء ، وهو دفع من علو في سماء ، وجذب من دنو في أرض جرداء صحراء ، لكي تخضر وتينع ثمارها لما تتفاعل مع هذا العطاء النازل اليها بكدح من دون عناء . والكدح هنا من أجل التحصيل والإحتواء ….. والعطاء مادي من أجل إحياء وإستمرارية وديمومة حيوية الجسم والأعضاء ، ومعنوي من أجل ألق الروح والشفاء والرفرفة الشفيفة والرواء والغذاء والنقاء …… ذلك هو الإرتباط والعطاء ، الذي هو الدواء والشفاء ، والغذاء والنقاء ……
الإرتباط علاقة إتصال وتواصل ذات قيمة لا تقدر بثمن بما تنطوي عليه من إستمرارية وديمومة ، وثبات ومرونة ، وغنى وطاقة ، وتزود وعلاج لكل ما هو قائم ثابت ، وطاريء متغير متجدد …… ، فأي قيمة لهذا الإرتباط الكبير الضخم العظيم الحاصل بين الإنسان المخلوق وربه الخالق ، لما يكون دائمآ هو الفيض بلا حساب ، والعطاء المتنام بقدر درجة علقة هذا الإرتباط والذي يعتمد على كدح الإنسان في النوال والتحصيل والإكتساب …. ؟؟؟ !!!
والعبادات هي التشريعات الإلهية التي تنظم المظهر والشكل والسلوك العملي لعلاقة الإرتباط بين الإنسان العبد المخلوق وبين الله تعالى السيد الخالق ، وعلاقة العبودية هذه هي أرقى علاقة تحرر للإنسان سيادة وجود وتصرف وحسن سلوك لما تكون علاقة إرتباط وطاعة من مخلوق يعرف ويميز قيمة ودرجة ومرتبة وجوده الممكن الذي يتساوى فيه العدم والوجود ، لرب خالق واجب الوجود بالذات ، غني ، مفضل ، سابغ ، منعم ، دائم الفيض والعطاء ، وهي دائمآ علاقة دنو إنسان درجة وجود قاصر محدود ، بعلو وإرتفاع وسمو خالق مطلق …. ، ولذلك فأن مسيرة الإنسان الحضارية تكون دومآ في صعود وإرتقاء ، من أجل المتح والإقتراب ، والتحصيل المتزايد المستمر الدائم ، والتطور السائر قدمآ المتنوع الذي هو في تقدم وإزدياد وإرتقاء ، وصعود وإرتفاع …… والعبادات هي التي ترفع وتخفض ، وهي التي تزيد وتنقص ، وهي النفع الدائم المستمر المتطور نوالآ وتحصيلآ ….
فالإنسان بالعبادات يزكو ويتطهر ، وينمو ويكبر ، ويرتفع ويسمو ، ويزداد ويستمر ، ويثرى وينعم ، وينال ويقود المسيرة الإنسانية بتحضر وتمدن ، ورقي وزهو ، وهو المتلألي عز سعادة ، وشموخ راحة وإستقرار …..
والإرتباط أنواع ودرجات من حيث الإعتقاد والسلوكيات ، والآداب والتصرفات ……
حسن المياح – البصرة .