الإنسان والمسيرة الإنسانية الحضارية ( الحلقة الرابعة )– نوع وشكل الإرتباط —
بقلم : حسن المياح …
《 الجزء الأول 》
قلنا أن الإرتباط من حيث الكينونة الحقيقية هو واحد ، والإرتباط هذا هو الصلة والتواصل بين العبد الإنسان المخلوق ، وبين السيد الإله الخالق المطلق ، وهو الله سبحانه وتعالى . وقلنا أن الإرتباط أنواع وأشكال ، وهذا التنوع والتشكيل هو من صنع وإصطناع وإختلاق وإتخاذ الإنسان . والإنسان لما يريد أن يحرك ويديم حركة مسيرته الإنسانية الحضارية ويطورها تجديدآ صعودآ وإرتقاءآ … لا بد له من جهة إعتقاد ينتمي اليها تفكيرآ ، وسلوك منهج حياة ، ووقود حركة ، وديمومة إستمرار . وهذا الإعتقاد مرة يحسن الإنسان إختياره والإنتماء اليه ، ومرة أخرى هو الإنسان يصطنعه ويتلاعب به وفقآ لمزاجه ولمصلحته ، وهذه الجهة الإعتقادية هي الإله الذي يزود الإنسان بالطاقة الحركية التي تحرك عجلة المسيرة الحضارية التي يريدها وينشدها الإنسان في واقع حياته ، وتديم إستمرارها صعودآ وإرتقاءآ ونماءآ ، وتشد الإنسان على الكدح المستمر ، والعمل الصالح المتواصل المثمر الذي من خلاله يجني الإنسان ثمار تطور هذه المسيرة الحضارية الصاعدة الصالحة المستمرة الدائمة الحركة المثمرة عطاء سعادة ، ونوال راحة إستقرار وإطمئنان في عيش رغيد أمين ، وأنها ( الطاقة ) المطورة نتاجآ ذهنيآ يفوق المرحلة التي فيها مسيرته الحضارية تفكير تطور صاعد صالح ، مما يؤدي من خلال كدحه المستديم والمستدام طاقة شحن وهداية الى أن يكون في أرقى صعود على درجات السلم الحضاري الذي يتطور صعودآ عليه درجة درجة . وهذا السلم الحضاري المتصاعد يعتمد على قوة وقيمة الطاقة التي يزودها ذلك الإعتقاد المفيض من الإله نعم تزود طاقة الذي يعتقده الإنسان في حقيقة وجوده المفكر إعتقادآ وإيمانآ ، وعلى نوع وقود الطاقة التي يستقيها من ذلك النبع الإله الذي يقود مسيرته الإنسانية في التحضر والمدنية …..
وهنا يبرز لنا دور الإرتباط الهام الضروري في حياة الإنسان لديمومة مسيرته الحضارية في عالم الواقع . فهل يحسن الإنسان إختيار الإله المطلق الحقيقي بوعي وعمق ، الذي يقود حياة الإنسان ومسيرته الحضارية الهادفة ، أو أنه يصطنعه إختيار مزاج ، وسلعة مصلحة ، وأنه يبدله ويغيره ويتقلب في أحضان آلهة كثيرة متكاثرة متعددة هو يصطنعها صناعة مزاج وتوسل ، أو يختارها إختيار مصلحة ، وإنتقاء منفعة بما تدر عليه من ثمار مرحلية مؤقتة محدودة مقدرة بقدر طاقة وإمكانية الإلاه الذي أتخذه إلاهآ مطلقآ يقود حياته ويديم مسيرته الحضارية حركة إستمرار بقدر كمية الطاقة المحدودة التي يمتلكها ذلك الإله المصطنع الذي إتخذه الإنسان ربآ له ، ومصدر طاقة ، والظهير المساند له في الحياة ، وما يتطلبه من وقود تشغيل وطاقة تحريك لعجلة مسيرة حياته ، ودوران لعجلة مسيره الحضاري المتمدن المرتبط إرتباط وجود … ، وتوقف … ، وعدم … ، بقدر الطاقة التي ينتجها ويملكها ، ويزودها ويعطيها ، ذلك الإله المصطنع ، وهي المحدودة المقيدة بحدود قابلية تفكير الذهن البشري القاصر المحدود المتخذ ذلك الإله المصطنع المحدود بحدود الذهن البشري الخالق والمتخذ ذلك الإله الذي أفرزه وأوجده … ، إلاهآ ربآ مطلقآ ، قائدآ واعيآ مديمآ مستوعبآ للمسيرة الحضارية الذي ينتجها ذلك الإنسان المصطنع للإلاه من خلال إفرازه الذهني المحدود المقيد القاصر …….
فهل تستمر حركة ، ودوام صعود وإرتقاء ، مسيرة الإنسان الحضارية ، وتحقق هدفها المطلوب المرغوب ، وغايتها المنشودة ، من خلال قيادة هكذا إلاه قاصر محدود ، مصطنع من ذهن بشري مخلوق مقيد …….؟؟؟ !!!
يكون الإرتباط ويتحقق ، لما يختار الإنسان إلاهآ ربآ خالقآ له ، يقود مسيرة وجوده ، ويمنهج حياته كدح عمل صالح ، ويهديه سلوك مسيرة حضارية صاعدة متألقة مبدعة ، ويرشده تهذيب عيش مدني مرموق سعيد ، وأنه لا يحتاج الى إله آخر ، في أي وقت أو مرحلة من حياته ، لأنه آمن الإنسان وإطمئن بأنه قد آوى الى إلاه مطلق حي خالق مبدع غني قادر دائم الإبداع والإنتاج مستوعب لزمكان وحال وجود إنسان يدرج مسيرة حياة إنسانية حضارية بتمدن ورقي ، ورفاء وسعادة ، لا يتأثر بزمان ولا مكان ، ولا حال ولا نقص وقود حركة ، وأن حركة وتحرك وحركية مسيرته الحضارية في إبداع تصاعد ، وتنوع إرتقاء ، وإطمئنان دوام مسيرة حضارة صالحة ، وتمدن مثمر ناضج ……. وإذا كان هذا الوصف وهذا الحال ، وهذا النعت وهذا الوجود الإنساني المطمئن المستقر السعيد ….. فكيف لا يكون هذا الإله مطلقآ مستوعبآ قائدآ وهدفآ وغاية للمسيرة الإنسانية الحضارية المتمدنة الراقية صعودآ ، وألق إبداع مدامآ ومستديمآ … ؟؟؟ !!!
ولكن على الإنسان أن يحسب ويتحسب لما هو إصطدام وتوقف ، وضعف وعجز ، إذا حل به …. فما هو موقفه ….؟؟؟ وأن لا يعيش الخيال الحالم خداع طغيان تفكير زائف ، ، ولا يوتوبيا المحلقة طغيان غرور وغش وغدر كاذب ….. وعليه أن يعيش إنسان حق وواقع ، ونموذج حركة إنسانية حضارية واعية عميقة التفكير ، خالصة الإبداع ، دائمة الوقود المحرك الذي يديمها إستمرار حركة واقع ، وإدامة صعود مبدع هادف ، وصولآ للغاية التي هو مرتجيها وطالبها ومريدها وراغبها ، وأنها القمة في تحقيق غاية وجوده الإنساني الكريم القويم ، وأنه في كنف وحضن ورعاية وحفظ إلاه رحيم كريم عطوف ، غيور حافظ ، عليم قادر ، رؤوف بر عظيم …. وهو الله سبحانه وتعالى ، الإله المطلق الرب للعالمين أجمعين ……
وفي الجزء الثاني التالي ، سنتناول الإله … المطلق الحقيقي … ؟؟ ، والإختلاق إصطناع مزيف ….. ؟؟
حسن المياح – البصرة .