بلاويكم نيوز

الصوت والكلمة .. يرحلان في جنازة واحدة

0

بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
ياس خضر صوت فراتي أثير غنى للأرض والوطن والقلوب ، غادرنا بعد رحلة عراقية محفوفة بالأغاني والحزن وعاش فترات متقلبة من تاريخ العراق الحضاري وكان معبراً عن الإنسان المحب لبلده وربما يكون رحيله في فترة تشبه فترات الجفاف
حين يغيب المطر
وتيبس الأرض والشجر
وتذبل الورود
ويغيب النهر
حين لا حياة
وحين يأفل القمر
عاش ياس خضر فترة إزدهار الأغنية العراقية التي مزجت بين الغناء الريفي وغناء المدينة وتفرد بأداء مختلف عن غيره بالرغم من معاصرته لأسماء مهمة كحميد منصور وسعدون جابر وقحطان العطار وكمال محمد وسعدون جابر وفؤاد سالم ورياض أحمد وسواهم من روائع الفنانين الذين شهدوا مراحل سياسية صعبة وحروب وحصارات وكانوا جزءاً من المحنة التي غالبها العراقيون وغالبتهم وكسروها حيناً وكسرتهم حيناً حتى عادوا أقوياء شجعان ، لكن وللأسف فحين يغيب جيل مبدع لا يمكن تعويضه فمن يعوض صوتاً كياس خضر أبدع في التلفزيون وليس في الملاهي الليلية والنوادي الخاصة حيث ترمى النقود على رؤوسهم ، بل يرحل الفنان الكبير ويترك مكانه أرضاً لا يستطيع أحد أن يقف عليها فليس لديه أقدام راسخة ولا يتمكن أحداً أن يملأ مكانه مهما حاول أن يكون مبدعاً وقوياً في الصوت واللحن والكلمة ، فنحن منذ عقدين قاحلين نجد الفن معذباً يائساً محبطاً لا يكاد يهتدي إلى مكانته الحقيقية في المجتمع مع إنتشار التفاهة والإنحطاط والدونية وزمن الفاشستنات والبلوغرات وبنات الليل وسيدات البث المباشر والخلاعة والنابحون .
ولعلها صدفة وقدر أن يرحل الصوت في نفس وقت رحيل الكلمة فالصوت الحقيقي حين يرحل لا يعود للكلمة من معنى والأفضل أن يرحلا سوية ويعيشا في فضاء الذاكرة وعتاب الزمن والأيام الخوالي والحنين إلى الأزمنة الجميلة فالأصوات ماتت والشعراء رحلوا فقد رحل عريان السيد خلف ورحل كاظم إسماعيل الكاطع ورحل من الجيل الذي تعلم منهم رحيم المالكي وسمير صبيح ، وها هو كريم العراقي شاعر الكلمة المبدعة يرحل بعد صراع مع المرض ويترك كلماته تطرق مسامعنا وتخترق قلوبنا الحزينة النابضة بالرغبة بالجمال والمحبة والسلام حيث الكلمات تحارب التخلف والفساد والسلاح والهمجية وزراعة الشر الذي يقتات عليها المأبونون والسراق والذين يتكاثرون كالبكتريا في المياه الراكدة التي تنتشر وتصيب الناس بالمرض والخيبات والأوجاع التي تهتك الأجساد و الأرواح والضمائر .
أبدع ياس خضر في أغاني لا مثيل لها في ذاكرة الفن الغنائي العراقي كالبنفسج وإعزاز وتايبين ومسافرين والهدل ومغربين وأحبك ودنيانا شكد متغيرة وكذاب وما يصل إلى ثلاثة وأربعين أغنية حفظتها الذاكرة العراقية وشكلت أرثاً ثقافياً جميلا ورائعاً ، وقد كتب كريم العراقي روائع القصائد العاطفية والوطنية ، وقد جاء في سيرته إن كريم العراقي ولد في منطقة الشاكرية كرادة مريم في بغداد عام 1955، وظهرت موهبته منذ الطفولة حيث بدأ الكتابة والنشر منذ كان طالباً في المرحلة الإبتدائية في عدد من المجلات العراقية ومنها الراصد ، الإذاعة والتليفزيون ، إبن البلد ، وغيرها وحصل على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد .
عمل كريم العراقي معلماً في مدارس بغداد لسنوات عدة ، ثم عمل مشرفاً متخصصاً في كتابة الأوبريت المدرسي .
بدأ كتابة الأغاني في منتصف السبعينات ، إذ قدم أغنيتين للأطفال هما الشميسة ، ويا خالتي الخياطة . وفي مطلع الثمانينيات حدثت له نقلة فنية كبرى بالتعاون مع المطرب العراقي الأشهر سعدون جابر ، ومن بعدها تعاون خلال مسيرته الفنية مع مجموعة من أبرز المطربين العرب ومنهم : صابر الرباعي ، فضل شاكر ، ديانا حداد ، وسميرة سعيد ، وأصالة نصري .
كان كريم العراقي أشهر من كتبوا أغاني المطرب العراقي كاظم الساهر ، حيث قدم له العديد من الأعمال منها يا الحبيب ، دلع ، المستبدة ، أفراح ، كل ما تكبر تحلى ، وغيرها . ولعب مع الساهر دوراً كبيراً في إنتشار الأغاني العراقية بكافة ربوع الوطن العربي . وداعاً لأعذب صوت وأجمل كلمة .
Fialhmdany19572021@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط