حمى الانقلابات تداهم الجابون
بقلم: د . كمال فتاح حيدر ..
اعترض الجيش الجابوني على نتائج الانتخابات الأخيرة، بسبب افتقارها إلى المصداقية وذلك بعد وقت قصير من إعلان فوز الرئيس (علي بونغو) البالغ من العمر 64 عاماً في الانتخابات بنسبة 64.27% من الأصوات. جاء قرارهم الثوري باعتقال الرئيس، ومنع التجوال، وتعليق رحلات الطيران، وإغلاق الحدود البرية والبحرية، وتعطيل المؤسسات الحكومية في بيان نشرته قناة غابون 24 نيابة عن مجموعة ثورية تطلق على نفسها اسم (لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات). .
أشارت التقارير الدولية إلى تصاعد التوترات بعد الانتخابات الأخيرة، التي نال فيها (بونغو) شحنة جديدة لمواصلة حكم عائلته المستمر منذ 55 عاما وسط دعوات المعارضة للتغيير في الدولة الغنية بالموارد والفقيرة. .
فقد تزايدت المخاوف بشأن شفافية التصويت بسبب غياب المراقبين الدوليين، وتعليق التواصل الأجنبي، وتعتيم الإنترنت على الصعيد الوطني، وحظر التجول الذي فرضته السلطة الحاكمة. .
كان واضحا ان حمى الانقلابات قفزت الآن إلى المراجل الجابونية بعد شهر تقريبا من إطاحة القوات المتمردة في النيجر بالحكومة النيجيرية. .
وهذا هو الانقلاب الثاني في الجابون. فقد وقع الانقلاب الأول عام 2019، عندما أعلن ضباط الجيش سيطرتهم على الإذاعة الرسمية. ثم قاموا بتشكيل مجلس إصلاح وطني للإطاحة بالرئيس (بونغو) نفسه، لكن محاولتهم باءت بالفشل بعد أن اقتحمت القوات المحطة واعتقلت ثمانية منهم وقتلت اثنين. .
وفي الوقت الذي تنتشر فيه المشاعر المعادية لفرنسا في العديد من مستعمراتها السابقة، التقى (بونغو) الرئيس إيمانويل ماكرون في باريس في أواخر يونيو /حزيران الماضي، وتبادلا صورهما وهما يتصافحان. .
كان (بونغو) يسعى لولاية ثالثة في الانتخابات الأخيرة بعد فترتين متعاقبتين منذ وصوله إلى السلطة عام 2009 خلفا لوالده (عمر بونغو) الذي حكم البلاد لمدة 41 عاما. .
لقد واجه (بونغو الابن) ائتلافاً معارضاً بقيادة أستاذ الاقتصاد ووزير التعليم السابق ألبرت أوندو أوسا، الذي جاء ترشيحه المفاجئ قبل أسبوع من التصويت. وثارت مخاوف بشأن أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات بسبب المظالم العميقة بين السكان البالغ تعدادهم 2.5 مليون نسمة. وكان ما يقرب من 40% من الجابونيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً عاطلين عن العمل، وفقا لتقارير البنك الدولي. .
اللافت للنظر ان كل الانتخابات التي أجريت في الجابون منذ عودة البلاد إلى نظام التعددية الحزبية في عام 1990 انتهت بالعنف. وأسفرت عن مواجهات دامية بين القوات الحكومية والمتظاهرين عقب انتخابات 2016 عن مقتل أربعة أشخاص، بحسب الأرقام الرسمية. وقالت المعارضة إن عدد القتلى أعلى بكثير. .
في ضوء ما تقدم باتت شرارة الانتفاضات والانقلابات قريبة جدا من بعض البلدان العربية في القارة الأفريقية . .
والله اعلم. .