بلاويكم نيوز

لكل العرب: عزيزي المواطن عزيزي الفقير

0

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

هناك مثل عراقي قديم يضرب دائما لوصف ترابط حلقات الدعم والتواصل بين العصابات والمافيات والبطلجية المسيطرة والمتنفذة في معظم بلدان الشرق الأوسط، وليس في بلد بعينه. يقول المثل:
(طاسة في بطن طاسة وبالبحر ركاسة)
وحتى تدرك مخاطر هذا الترابط المريب بين الشراذم التي استحوذت على الطوس والمواعين، لابد ان تعلم ان العصابات المحلية مرتبطة بالأساس بعصابات خارجية كبرى لها مخالب ولها جيوش ولها قدرات دولية استثنائية. وحتى العصابات الدولية الكبرى لها ارتباطات فوقية متصلة بالمنظمات الظلامية. فالكؤوس الصغيرة تحتويها المواعين الكبيرة، ثم الأكبر منها في متوالية هندسية ترسمها الأواني المستطرقة وغير المستطرقة. .
اما في الداخل فالتركيبة التي يراها كل مواطن في بلده تتمثل بالصورة اليومية المتداولة، التي تتحدث عنها الصحف والفضائيات، وهي صورة مطروحة لغرض الإلهاء والتضليل والثرثرة، وغالبا ما تكون محددة بنقاط لا ينبغي تجاوزها. وبالتالي فأن صورة الفساد التي يستعرضها الإعلام في هذا البلد أو ذاك تمثل الجزء الظاهر من جبل الجليد المغمور بالماء. .
في الشرق لدينا أوطان فقدت سيادتها منذ عام 1916. لكنها أوطان ظلت ترتدي جلباب الدولة وعمامة الحكومة بكل مجالسها الشكلية. وهذا الجلباب يتغير لونه وبريقه ومظهره من وقت لآخر، تارة يحمل مزايا دولة الخروف الأسود، وتارة يحمل ملامح دولة الخروف الأبيض. واحيانا يظهر بمظهر الورع والتقوى. او يكون متمردا على تعاليم السماء. فالهدف من هذه التقلبات والانقلابات هو ادخال المواطن في دوامات وكوابيس لا يستطيع الخروج منها. وإرغامه على التعايش مع كل حقبة وكل مرحلة من تلك المراحل المتعاقبة. .
اغلب الظن ان الشاعر (احمد النجار) تأثر بنظرية الطوس المتعاقبة والحاويات السياسية المتراكبة، فكتب قصيدته (تذاكر يا هانم) باللهجة المصرية الدارجة، فأصاب كبد الحقيقة المؤلمة. وهذا مقطع اخترته لكم من تلك القصيدة:
عزيزي المواطن – عزيزي الفقير
أمالك في بكرى بتنقص كتير
بتنقص بلادك أراضي وبيوت
بتنقص ولادك تابوت فوق تابوت
دا بينك يا باشا وبين الحياة
حواجز وشيش خلف شيش خلف شيش
سيناريو العجائب عجيب العجاب
تموت البراءة وتحيا الكلاب
وتصنع مهازل وتهدم منازل
وتعمل عوازل ما بين الصحاب. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط