شباب العراق والمهارات الرقمية بوابة المستقبل من بغداد

بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
يحتفل العالم في الخامس عشر من تموز من كل عام بـ اليوم العالمي لمهارات الشباب الذي أقرّته الأمم المتحدة منذ عام ٢٠١٤ ليكون مناسبة دولية تسلط الضوء على أهمية تمكين الشباب بالمهارات الحديثة التي تؤهلهم لسوق العمل. وتأتي نسخة هذا العام ٢٠٢٥ بعنوان ينسجم تماماً مع متطلبات المرحلة تسخير الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية من أجل مستقبل مهني مستدام للشباب.
إن هذا اليوم ليس مجرد مناسبة رمزية، بل يمثل دعوة ملحّة لتفعيل طاقات الشباب، خصوصاً في الدول ذات الأغلبية السكانية من فئة الشباب، مثل العراق. حيث يعيش العراق لحظة تاريخية حاسمة تتطلب تحوّلاً حقيقياً في رؤية الدولة والمجتمع لدور الشباب في الاقتصاد والتنمية. فالتحديات التي يواجهها الشباب العراقي من بطالة وضعف المهارات التقنية والرقمية، لا يمكن تجاوزها إلا بتبني سياسات واستراتيجيات تنموية حقيقية تركّز على التعليم والتدريب المهني والتحوّل الرقمي.
في ظل التطورات العالمية المتسارعة، لم يعد الذكاء الاصطناعي والبرمجة والمهارات الرقمية من الكماليات، بل أصبحت ضرورات اقتصادية ومهنية. ويمتلك الشباب العراقي الإمكانات العقلية والإبداعية التي تؤهلهم لريادة هذا القطاع، إذا توفرت لهم البيئة الداعمة. وقد بدأت بعض المبادرات الحكومية ومراكز الابتكار العراقية بدعم هذا التوجه، من خلال إطلاق برامج تدريبية تقنية، وتشجيع المشاريع الناشئة في مجال التكنولوجيا، إلا أن الحاجة ما تزال ملحة إلى جهود أوسع وأعمق.
ولكي يكون لهذا اليوم أثر واقعي، على المؤسسات التعليمية والتربوية أن تتبنى مناهج جديدة تدمج المهارات الرقمية منذ المراحل المبكرة، وعلى الحكومة العراقية أن توفر حوافز للاستثمار في المهارات الرقمية وتوفير فرص تدريب مجانية ومنح دراسية داخل وخارج البلاد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة.
أما على صعيد المبادرات الشبابية، فهناك نماذج ملهمة بدأت تنجح رغم محدودية الدعم، مثل فرق التطوير التقني، والمبرمجين المستقلين، والمبادرات الرقمية في التعليم والخدمات، ما يعكس قدرة شباب العراق على المنافسة في السوق العالمي إذا توفرت لهم الفرصة والتمكين.
في الختام، يمثل اليوم العالمي لمهارات الشباب فرصة للتذكير بأن الاستثمار الحقيقي في العراق يبدأ من شبابه، وأن المستقبل سيكون لمن يمتلك المهارة قبل الشهادة، والإبداع قبل التكرار. فلتكن بغداد منطلقاً لصناعة جيل رقمي يقود العراق نحو الازدهار، لا من يتفرج عليه وهو يمر.