وأخيراً رحل أبو حيدر
بقلم : جابر الجابري ..
صارع المرض الى أن صرعه المرض
حل ضيفاً كريماً ورحل وليّاً حميماً
مرّ كما يمر نسيم الربيع على وزارةٍ لم تعتد على النسائم الخاطفة
في المرة الاولى جاءني به السيد مجاهد ابو الهيل في مكتبي بدار الأزياء عام 2006 طالباً العمل في الوزارة… في وقت كان الناس يفرون من الدولة ومرافقها وكان موظفوها صيداً سهلاً لعصابات الإرهاب التي تطارد أركان الدولة الوليدة وموظفيها… وكنت شخصياً أحد الناجين بأعجوبة من عملية خطفٍ بشعة كادت تودي بحياتي ..كان وجهه مضيئاً وكلماته منقوعة بعطر الابتسام …خلال دقائق انظم الى ملاك الوزارة واندك بالعمل في آثارها ومواقعها ..
في المرة الثانية استقبلته وزيراً لها في حكومة الدكتور عادل عبد المهدي .. كان هو هو في غاية الادب والدفء والتواضع يجد به موظفو الوزارة وكادرها الزميل والصديق والوزير الذي يسعى لتلبية طلباتهم وقضاء حوائجهم وإدارة أعمالهم وشؤونهم ..لكن الحظ التعيس للوزارة لم يمهله طويلاً ..أخرجه منها كغيمة صيف ليحل بها العذاب والخراب … سرعان ما انقلبت حالها واستفرغت موظفيها الى الشارع ..يتظاهرون ضد البوم الذي حطّ في خرابها والشؤم الذي عمّ دوائرها ومرافقها والنحس الذي نزع جلودهم وهدد رغيفهم وقطع أرزاقهم واتهمهم جميعاً بالفساد وطعنهم حتى بشرفهم…
(لا تعرف النعمة الا بعد فقدانها)
حين فقدناك يا عبد الامير لم نفقد مسؤولاً رفيعاً بالدولة .. بل فقدنا بك الأخ والزميل والصديق والحبيب ..
كنت أميراً يفوق الألقاب والمناصب .. تصنع منها واحةً لزرع الخير والإحسان والمعروف … كأنك تقول بفعلك (كل إناءٍ باللذي فيه ينضح)
وبعدك عرفنا كم هي المسافة شاسعةً بين الأحرار والعبيد
رحمك الله يا صاحب المعالي وجعل مثواك الجنة ..