العراق: سوبرماركت الاحزاب
بقلم: كمال فتاح حيدر ..

لدينا الآن سوبرماركت خرافي لا مثيل له في أسواق الديموقراطية. بازار مفتوح يضم أكثر من 300 منظمة حزبية من كل الموديلات والأنواع والأصناف والألوان والأحجام والمقاسات، وبمواصفات قومية وعرقية وعشائرية وعلمانية ودينية وطائفية وليبرالية وتكنوقراطية ومناطقية وزنكلونية. مفصلة كلها حسب الميول والأهواء والرغبات والقناعات والولاءات. .
لدينا احزاب مُعادة وأحزاب مستحدثة: محلية ومستوردة. احزاب من ذوات الفلقة الواحدة وذوات الفلقتين. احزاب تتكاثر بالانشطار، وأخرى تتكاثر بالاستنساخ، وبعضها بالتفقيس والترقيد والتطعيم. .
استعدت كلها منذ الآن لترويج حملاتها الدعائية النمطية بنفس اللغة القديمة، وبنفس الشعارات المُستهلكة، وبنفس الوعود الفارغة، و بوجوه وشخصيات الذين احتفظوا بالرقم ( 1 ) في كل القوائم والمواسم، وفي كل الجولات من دون ان يحالفهم الحظ ولو لمرة واحدة في الفوز (لا بانتخابات المجلس النيابي ولا بإنتخابات المجلس البلدي). .
عادت بعض التنظيمات السياسية لاستخدام أدوات التسقيط بغية تشويه تصاوير خصومهم، وعادوا إلى تحريك أفواج ذبابهم الإلكتروني في مستنقعات منصات التواصل. .
اللافت للنظر ان بعض قادة تلك الاحزاب يظنون اننا من الشعوب التي يسهل استغفالها والضحك عليها، ويظنون ان الجماهير ساذجة وغبية، يمكن شراء أصواتها ببطانية (أم نفرين)، أو بحفنة من العدس الهندي. .
لكن الغريب بالأمر ان معظمهم لم يفكروا باصلاح الخراب الذي ارتكبوه، والذي اعترفوا بارتكابه على رؤوس الأشهاد. من دون ان يستثمروا المرحلة الزمنية المتاحة لديهم حتى الآن قبل موعد الانتخابات. ومن دون ان يرمموا علاقاتهم بالجماهير، ويكسبوا ثقة الفقراء بخطوات اصلاحية فورية وملموسة وفاعلة. وهكذا ظل الحال على ما هو عليه، على الرغم من ادراكهم لعدد المقاعد التي خسروها، والتي سوف يخسرونها في الجولات المرتقبة. .
فقط للتذكير: لقد احتل الشعب العراقي المرتبة الاولى عربياً، والمرتبة الثانية عالمياً في معدلات العنف والغضب بحسب تصنيف Gallup Global Emotions وبالتالي لابد ان تحسب الاحزاب حساباتها لتجنب غضبة الشعب. .