ماذا لو جف الجنوب فأين تتجه دراما السخرية
بقلم: هادي جلو مرعي ..
إذا كان الممثلون والمنتجون والمسؤولون عن الدراما والبرامج الترفيهية عرقجية، ومنهجهم الإبتذال والإنحدار الأخلاقي، وتجاهل سلطة الرب، والخوف منه حين يعرضون أغان خليعة، وبرامج وضيعة بعد مدفع الإفطار في رمضان، فيجب عدم تجاهل تواطؤ الناس والعامة والنظارة الذين يوفرون دفقا من المشاهدة والدعاية لهذه الأعمال الهابطة. وبمجرد تناول شوربة العدس، وبلع حبتي التمر، وإحتساء اللبن يسارع الصائمون الى التلفزيون ليشاهدوا برامج مبتذلة صارت مألوفة، وغير مستنكرة. ولاألوم القائمين عليها، فهذا ديدنهم، ولهم فلسفتهم وخيارهم الدنيوي تحت شعار حرية التعبير ،وممارسة طقوس الرقص والغناء والدعارة على الهواء، بل اللوم على العامة الذين ينتظرون بشغف ذلك السيل من الأغاني والرقصات والبرامج التي تتقاطع مع الدين الذي يدينون به، ومع نهج الرسول، وأهل بيته، وصحابته (رضي الله عنهم) فيتركون الصلاة والدعاء والطاعات الى مثل هذا السبيل من الترفيه والتسلية الهابطة التي نجد إننا وكأننا جزء منها وننساق إليها بلاوعي في أحيان.
من منا لايتذكر بعض المسلسلات التي كان أبطالها ومعدوها ومنسقوها وبيئتها من الجنوب، وقد أظهرت الجنوبيين حفنة من المهرجين والفلاحين السذج والحمقى والجياع.. وسبق أن مثلت مسرحيات في التسعينيات وأبطالها من الجنوب وكانت بذات الفحوى.. طيب هناك مايشبه الاجماع من المنتقدين على القصدية من وراء الأعمال المسيئة للجنوب بالرغم من توفر عناصر إبداعية تتعلق بالكوميديا لايملكها سوى فنانون ينحدرون من الجنوب، وفي حسبة بسيطة فإن سخرية العراقيين من بعض واضحة، وكانت أنظمة الحكم تدفع بهذا الإتجاه، في الجامعة كان بعض الأصدقاء من مدينة تتبع لمحافظة صلاح الدين يسخرون من أهل مدينة أخرى، ويقول أحدهم نكتة نصها: إن شيخ عشيرة من تلك المدينة أمر بقصف المدينة المناوئة فأحضروا جذع نخلة، وأفرغوه من مادته، وقاموا بحشوه بالديناميت، ووجهوه نحو تلك المدينة، ووضعوا فتيلة في أسفله أشعلوا فيها النار لينطلق مثل صاروخ متجه الى الفضاء، لكنه إنفجر في مكانه، وقتل العشرات، فصاح الشيخ مستبشرا: هذا الصاروخ إنفجر هنا، وقتل هذا العدد من الرجال، فكيف لو سقط في سامراء؟ ومثل هذه النكات كانت وماتزال تروج ضد القومية الكردية، وبعض العشائر العربية في الأنبار وغايتها سياسية للأسف.
الجنوب مهدد بالجفاف، وقد يرحل سكانه الى مناطق لاتحتمل هذا الكم من السخرية التي يعمد إليها أفراد وجماعات، وبالرغم من التحول السياسي وسيطرة اهل الجنوب على الحكم والسلطة والإقتصاد والثقافة فإن موجة السخرية ماتزال جزءا من ثقافة المجتمع، ومن عناصر الفن والكوميديا التي يبرع بها فنانون من الجنوب، ولايمكن القول إن الفنان الجنوبي يلجأ لهذا الأسلوب، وينساق لهذا النوع من الفن لأنه فقير وجائع، فأغلب الساسة من الجنوب، ورجال الاعمال والتجار ومالكي المصارف من الجنوب، ويمكنهم تمويل أعمال تحترم تاريخ الجنوب وعشائر الجنوب الأصيلة والإبداع الذي يتفجر من هذا الجنوب الذي منه نطل على العالم، ومنه نصدر البترول، ومنه ينبثق الوجع.