البـــارزاني في قصة وجود مابين الماضي والحاضر
بقلم: د. هيثم المياحي ..
الأعلام السيــاسي ما قبل 2003 ..
كنــا قبل 2003 كجمهور عراقي بعيــداً عن اختلاف لهجاتنا وثقافاتنا وقومياتنا وادياننا نسمع عن شخصية الرئيـــس مسعود البارزاني ولكن قبل وجود الانترنيت والسوشيل ميديا وحرية اختيار الخبر واقتناء الكتب وتصلنا المعلومات مختصره بقناتين متلفزة تابعة الى النظام السابق وصحيفتين رسمية تابعة لحزب البعث يكتب بها ما يملى على الكتاب والصحفيين ويطلع عليها الشارع العراقي. وكانت الأوضاع غير مستقرة امنياً ما بين الإقليم وبغــداد فجميع ما ينشر وما يظهر عبر شاشات القنوات الرسمية فيها محاولة تشويه صوره كوردستان وعلى وجه الخصوص شخص الزعيم مسعود البارزاني وبكل حقد له٫ا المكون الذي قدم عشرات الالاف من الشهداء والجرحى من اجل قضيتهم ونضالهم. وهنا اود ان استذكر ما قاله ارسطو ” تـــشويه الســـمعة وســــيلة كـــــل حـــــاقد” والحقد الذي كان في عقول قادة حزب البعث وصدام حينها دفين وعميق ضد كوردستان وقيادة الشعب الكوردي. وايضاَ نعيد ما قاله مالكوم اكس حول زيف الاعلام وتشويه الصورة ” إذا لم تكن فطناً فأن الجرائد وسائر وسائل الاعلام ستجعلك تكره المضطهدين وتحب الذين يمارسون الاضطهاد” وهذا ما حدث في عهد النظام السابق تشويه الصورة ورسمها بصورة عنصريه حاقدة ضد مكون بالكامل.
الموقع الجيو-بولتكس الهام لكوردستان العراق
قبل ان نبدأ في سرد الوقائع والاحداث علينا ان نعترف بأن الموقع الجيوبولتكس لكوردستان هام جداَ جعلها محط انظار واهتمام الدول الإقليمية والدولية اجمع. حيث ان الإقليم يجاور تركيا وإيران حدودياً اقليمياً وسورياً عربياً ولذلك فأن قرارات القيادة في الإقليم جداً حذره ودقيقة وتراعي بها السياسة الداخلية والخارجية والامن والاستقرار قبل كل شيء. فجميعنا يعلم ان هذه المنطقة مليئة بالصراعات الساخنة والملفات العالقة والشائكة فالحذر ضرورة هامة في سياسة الإقليم لأن هناك من سوف يقرأه أي قرار من إقليم كوردستان بطريقة مختلفة ويسوء فهمه من العدو والصديق. ولهذا فأن للموقع الجغرافي-السياسي اخذ الإقليم اهتمام جميع الدول العربية والإقليمية والدولية. ووجود الكورد في محور رباعي ما بين تركيا إيران سوريا العراق جعل من المنطقة ذات أهمية سياسية كبيرة وحينما اثبت إقليم كوردستان بعد نضاله لعقود من الزمن محاربته المستعمرة للأنظمة المعادية لهم وخصوصا نظام البعث الذي ارتكب مجازر بحق الأبرياء الكورد في إقليم كوردستان العراق. وبعد 2003 وكتابة الدستور الجديد في 2005 قد ثبتت في دستور العراق الجديد كل الأليات بالمواد القانونية الواضحة من اجل ان يأخذ إقليم كوردستان وحكومته حقوقه وترسم تعاملاته وواجباته مع الحكومة الاتحادية ورسمت السياسة الداخلية والخارجية والدبلوماسية والتجارية والقانونية وغيرها.
التـــواجد الدبلوماسي في إقليم كوردستان
وقد تكاثرت الهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والممثليات الثقافية والاقتصادية وغيرها على فتح مكاتبهم في إقليم كوردستان مما زاد من الاهتمام الدولي بهذه البقعة الجغرافية اليوم بعد الاخر. وفتح إقليم كوردستان بواباته التجارية والسياسية والدبلوماسية والمجتمعية مع الدول الإقليمية والعربية والدولية وأصبح ذات تأثيراً وتواجد مستمر في جميع المؤتمرات الاقتصادية والسياسية والتقنية والعلمية والثقافية الدولية والإقليمية والعربية مما جعل اسمه يعتلي باستمرار ويأخذ بصمة واضحة في مساره الجديد ويكون له تأثير إيجابي في جميع المحافل الدولية. يوجد في إقليم كوردستان اكثر من 42 قنصلية وممثليه ومنها الفخرية ايضاً حالياً وان دل هذا على شيء فأنه يدل على الثقة الدولية العالية في الإقليم وقيادته واستقرار الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي الذي جعل الدول تتوافد على الإقليم ناهيك عن المئات من المنظمات الدولية الفاعلة الإنسانية والعلمية والثقافية والأخرى. فهذا الانفتاح الدولي كان ضرورة ماسة لحكومة الإقليم وجعل الشعب العراقي يتابع اخر تطورات وانجازات هذه البقعة الجغرافية الهامة في العراق. وتغير أسلوب البحث الإعلامي والصحفي للمعلومات الدقيقة واستنقاء الادق والأفضل والاصح لكتابة ونشر أي مقال او خبر عن إقليم كوردستان وشعبه وحكومته.
حريــــة اقتناء الخبر وصحته
أن التغيير الواضح والتطور التقني والإعلامي وحرية الكتابة والتعبير أصبح القارئ والمشاهد يستطيع اختيار القناة التي يثق بها والصحيفة التي يقرأها والمقال الذي يراه مناسباً له ولتوجهاته. وأصبح لدينا السوشيل ميديا التي تنقل الأخبار بسرعة فائقة وينتشر الخبر حتى يكون في كل مكان وزمان وبيد كل شخص. أصبح لدينا متسع من الحرية كي ندخل إقليم كوردستان ونندمج مع الشعب الكوردي ونرى ثقافتهم وتعاملاتهم وجبالهم وهضابهم وجمال الطبيعة. أدركنا حينها كل ما كتب في السابق كان مآدلج بطريقة سياسية من قبل النظام السابق وبأن الكورد ليسوا أعداء بل اخوة وأصدقاء وأدركنا بأن الكرم لديهم كما هو في الجنوب والوسط والغربية وفهمنا بأن الماضي كان مشوه كثيراً وأصبح المثقفون والمتخصصون بالشأن السياسي والثقافي والعلمي والاجتماعي والرياضي وغيره يسعون وراء المعلومات الدقيقة والاخبار والتقارير التي تخص الإقليم وتخص هذا الشعب وقيادته المتمثلة بشخص الرئيس مسعود البارزاني.
التطور العمراني والمجتمعي في الإقليم
وشهدنا خلال سنوات قليلة بعد التغيير بأن هناك تطور وعمران وارتقاء مجتمعي واضح حتى أصبح كوردستان ومحافظات الإقليم جميعا الوجه السياحية لجميع أبناء المحافظات العراقية. فانتشرت الصور والاخبار بجميع صفحات السوشيل ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف الرسمية والوكالات الخبرية وتحدثوا جميعهم عن هذه الأنتقاله النوعية في كوردستان وأصبح الجميع يتحدث عن زعامة كوردية متزنة القرار تحمي وتدافع عن شعبها وتراقب عن كثب كل التطورات التي تحدث في الجانب السياسي والإنساني والعمراني والاقتصادي والاجتماعي. وصارت الفكرة لدى اغلب الطبقات المجتمعية العراقية بأن وراء كل هذا النجاح هو الرئيس البارزاني الذي استمر في النضال والعطاء والبناء واثبات الوجود لهذه العائلة وللحزب الديمقراطي الكوردستاني وايضاً لشعبه الكوردي والعربي لأنه لا يفرق بين عربياً وكوردياً وكان ومازال يوصي السيدات والسادة النواب وغيرهم ان يعملوا بنفس وطني لأجل العراق بعيداً عن المكون. وانا شخصياً لي مع الرئيس مسعود البارزاني جملة قالها لي حينما تشرفت بزيارته وكنت مرشح البارتي في محافظة كربلاء المقدسة وقالها بصوت عميق احسست بصدقه حينا قال دكتور ” اريدك ان تعمل الى كربلاء والجنوب بعيداً عن انك مرشحنا في الجنوب وكن عراقياً فنحن لا نميز ولا نفرق بين كورديا وعربيا بين مسيحيا ومسلماً او بين كل أطياف ومكونات المجتمع العراقي بل اريدكم جميعاً ان تعملوا بروح الوطن” الله كم كانت هذه الجملة رائعة تعكس نقاء وصفاء قلب هذا الرجل صاحب التأريخ والحارض وراسم المستقبل للأجيال المقبلة.
تسارعت الأحداث وتغيرت المجريات ودخلت داعش والإرهاب في بعض المحافظات العراقية ونزح الملايين الى إقليم كوردستان وبالخصوص الى العاصمة أربيل وقد احتضنتهم أربيل بكل محبة وقدمت لهم ما يحتاجوه باختلاف اديانهم وقومياتهم وثقافاتهم ففي كوردستان وجدنا المسلم (شيعيا ام سنيا) وجدا المسيحي والصابئي المندائي والايزيدي والكاكائي والشبكي وغيرهم واحترامي للجميع وقد أشار الرئيس مسعود في خطابات المتعددة للملايين الذين اتخذوا من إقليم كوردستان مقراً واماناً لهم بأنكم تعيشون في ارضكم ونتقاسم معكم رغيف الخزب ونحميكم وأوصى الجهات الرسمية بان يقوموا بتسهيل كافة الإجراءات وتقديم المساعدات للنازحين والذين هجروا ديارهم ومناطقهم ومحافظاتهم. فعندما سمعنا ما قاله قلبنا صفحات الماضي وقلنا كيف كنا نسمع ونقرأ ما كان يكتب عن هذا الشخص العادل المتسامح الذي يحمل روح الإنسانية كيف كانت صحف وقنوات واقلام النظام الصفراء تشوه الصورة لدينا. ففي كل مرة نجد ما لم نجده في اغلب القيادات في العملية السياسية بشخصه ونسمع شجاعة طرحه ونقاء قلبه وبكل هذه التصرفات والخطى المتزنة من قبله كان يثبت لنا وجوده ووجود التأريخ والنضال والاصالة والشجاعة والكرم والإنسانية وكان يخط لنا طريق مختلف عما كنا عليه. وفي لقاء متلفز مع الرئيس مسعود البارزاني لقناة العربية في 10 أغسطس 2014 حول وجود العرب في إقليم كوردستان قال فخامته
” أن شعب كوردستان متمسك بأخلاقه العالية مؤكداً أن كوردستان ملاذ لكل المظلومين والمنكوبين وأنهم سيكونون في امان دائم بيننا.”
رؤية الزعيم مسعود البارزاني في حماية ارضه وشعبه
ان رؤية الزعيم مسعود البارزاني واضحة بأن من يحمي ارضه وشعبه هم أبناء المكون الكوردي فلا يسمح بأن يتدخل الغرباء من أي دولة كانت وحتى في اعته الظروف التي مرت على إقليم كوردستان زمن النظام السابق وفي دخول داعش كان قد أوصى ابطال البيشمركة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية بكل قدراتهم للتوجه لحماية الأرض والشعب والدفاع عن قدسية جبال كوردستان ومناطقها وكما قال نابليون بونا برت ” الحكومة التي يحميها أجانب لن يقبلها ابداً شعبً حر” والشعب الكوردي شعبً حر له تأريخ في النضال ومواجه الإرهاب والاستعمار بشتى اشكاله. فهذه الاحداث التي صنعت متتالية قد زادت من عزيمة وقوة وإرادة السيد مسعود البارزاني وأصبح له وجود وتأثير واضح لدى الجميع. هذه الشخصية الكوردية العراقية المناضلة والعائلة المجاهدة لعقود من الزمن يجب ان تدرس للأجيال ويكتسب منها الجميع الصبر والعزيمة والإصرار والحنكة السياسية والنضال فوق سفوح الجبال والدبلوماسية وإدارة وقيادة امة كاملة تؤمن بهم.
ختاماً ان قصة الكورد في العراق مختلفة عما سواهم من نفس القومية في سوريا وتركيا وإيران وذلك نعزوه الى افتقادهم الى القيادة والمركزي والانتماء الحزبي ووحدة القرار لذلك من الصعب جداً ان يكون لهم استقرارا سياسياً وامنياً وحتى اجتماعي. وان العلاقة ما بين الإقليم والمركز في العراق مختلفة ايضاً فقد سمحت المتغيرات الإيجابية ما بعد 2003 الى ان يجلس المكون الكوردي بزعاماته ويكتبون الدستور مع اخوتهم في العملية الديمقراطية الجديدة ووضعوا حقوق المكون والمشتركات ما بينهم وبين الحكومة الاتحادية بما يتعلق بالجانب القانوني والتجاري والسياسي والأمني والمجتمعي. وأصبح للمكون الكوردي أعضاء في مجلس النواب العراقي الاتحادي ووزراء في الجانب التنفيذي وقضاة في المحكمة الاتحادية في الجانب القضائي. وهذا لا يعني بأن العملية السياسية ما بين الإقليم والمركز خالية من الارهاصات والمشاكل والتدخلات الدولية ولكن بحكمة واضحة من قيادة الإقليم ومن الأرواح الصادقة في المركز الحكومة الاتحادية استطاعوا سوية ان يحلوا اغلب المشاكل وما تبقى منها سوف يحل تدريجياً لأننا نعيش سوية ونعمل سوية ويجب ان نستذكر الاتفاق الأخير الذي ابرم بين بغداد واربيل حول استئناف تصدير نفط الإقليم عبر جيهان الى تركيا رغم قرار محكمة باريس وتدخله في سيادة وسياسة واقتصاد العراق ونقول شكراً لمن ساهم في هذا الاتفاق سواء دولة رئيس وزراء الحكومة الاتحادية السيد محمد شياع السوداني او رئيس حكومة الإقليم السيد مسرور بارزاني فأنهم فكروا في مصلحة شعبهم واقتصاد بلدهم اولاً واخراً. والقيادة في الإقليم المتمثلة برئاسة البارتي المتمثلة بشخص الزعيم الاب الروحي مسعود البارزاني او برئاسة إقليم كوردستان المتمثلة بفخامة نيجيرفان بارزاني او برئاسة حكومة الإقليم دولة مسرور بارزاني يعملون بمصداقية منقطعة النظير وبصراحة واضحة لذلك قد خسروا الكثير واكتسبوا القليل من الصادقين والمخلصين والداعمين لأقليم كوردستان والمكون الكوردي وفي الختام اود الأشاره الى ما قاله غابرييل غارثيا بهذا الشأن
” الـصدق والصــراحة قد لأ تكسبك الكثير من الناس لكن ستوفر لك افضلهم رغم قلتهم.”