بلاويكم نيوز

ارقص مـــع الشيـــطان

0

بقلم : زيلا حديد ..

في وطني قالوها لي لا يــــوجــــد فيه شيـــــطان
فلطالما بحثوا عنه في الازقة والحارات وبكل زمان ومكان
وما بين السراديب ودهاليزها وخبائب الجدران.
في وطني يوجد القديسون يرفعون صلواتهم باسمهم وباسم الشعب
ويتلون علينا آيات من الدين وكتب الانجيل والقران.
يسجدون في منتصف اليل خاشعين. يصومون للمذنبين ويطلبون لهم غفران.
في وطني مسجداً يؤذن فيه مسلماً وكنيسة تتلى بها صلوات المؤمنين بأصوات كلها ايمان. في وطني كلهم دون اختلاف دينهم للخالق عابدين. ولكن هل تصدقون لا يوجد أينما ذهبتم في وطني شيطان…….

ولكني مع نفسي خضنا صراع طال فيه الجدال
انا أقول ان فيها شيطان وهي تنكر وتقول هذا محال
فقررت ان ابحث عنه في ارجاء وطني حتى اكذب ما يقال
بأن وطني يخلوا نهائيــاً من وجوده ونحن نعيش الكمـــال

فوقفت مع نفسي اعاتبها…. اخوض معها حواراً تلو الاخر واقسوا عليها واضربها
قللت من شأنها وقيمتها….اخضعتها لأستجواب المجرمين حتى جلدتها وعذبتهــــا
سألتها ثم سألتها ثم سألتها…اين شيطانك اين ذاك الذي لنفسك يغويها ويذنبهـــــــــا
اصرخي قولي اعرفه او اعرفها…قولي أخاف من ذاك الذي يخيف نفسي ويرعبــهـــــــــا
وقفت والسوط بيدي…وانظر الى نفسي وانا لا اعلم كيف على النطق نفسي اجبـــــرهــــا

فلا نفسي اقرت لي باعتراف عنه او تبيـــــانا
ولا انا عرفت جنسه من الانس كان ام من الجانا

ورجعت خائباً لا اعرف ما افعل ولكني ما زلت عن الشيطان باحثــــــاً له متوعدا
رسمته كي لا انساه كما عرفته احمر اللون نحيف اذانه طويله لعين بوجه متجعـدا
وساعة ارسمه واقفاً والنار بيديه وساعة ارسمه بدخان يخرج منه وهو عليل مقعدا
شوهت صورته بكل ما استطعت اخضر المعدة وازرق الافخاذ كانه بالشر متجمدا
ومسحتها جميعاً لأني قد تاهت عليه صفات شره وهو غائب مختفياً عني مبتعـــــدا
ومأ فادتني رسماتي على جميع الجــــدران
فلا خيالي جاد رسمه ولا عرفت به امزج الألوان

رجعت في صفوة اليل واعد وحدي زمانه ومكانه واخطأت ثم من جديد بها ابــدي
وقلت دعني مع نفسي اختلي علي انال منه حينما احسن النوايا ويراني صادقاً وجدي
وضعت خلفي الشر وأحسن خيري ناوياً بتوحيداً وصلاة وصيام واخلصت في وعدي
وهجرت حقيقة الدنيا وسرت لخيال الاخرة وكأني في جنة الفردوس لي اخر الخــــلدي
ومسحت صدري بأستغفاراً ورفعت رأسي بتكبيراً وركعاً طوعاً واطلت في ســـــــجدي

ومالزت ابحث عن ذاك الذي سموه شيـــــطان
في صفوة ليلي ووحدتي وكثرة الايمـــــــــــان

فخطرت لي فكرة وقلت دعني انام علي اراه في منـــــــامي
ويأتي اليه وانا مع روحي ونفسي في اشد وطئة الخصامــي
عله يحاكيني في نومة ويجعلني اراه في عمق احلامي
فرقدت متأملا رؤيته وهو يجثم على صدر بخنقة الاجثامي
وصحوت ولم اراه ولم يأتي وكأني اعيد مع نفسي كــلامي

لا نومتي جائت بحلمي وانا فيه حيـــــران
ولا صحوتي دلتني على عدو الحق والانسان

فوقفت حــائراً متسائلاً ايعقل انه في وطني لا وجود للشيـــطان
ايعقل بأننا بشراً في لباسناً ولكنا ملائكة منزلين من السماء بأذن من الرحمان
ايعقل بأن ما كتب عنا خطأ وظلماً وتجاوز علينا واغلب الضن بهتـــان
ايعقل بأن الأنبياء والرسل هم كلهم من وطني وباقي البلاد يملئها الشيطان
ايعقل بأني مغالي بهذا البحث واني مغررُ بي وظلمت امتي بكل هذا الخذلان

هكذا وانا اصرخ مع ذاتي مقلباً كتاباتي محاكياً كلماتي
أيــــن انت ايهــــــأ الشيـــــطان …… اين انت فأنا اليك اتي….

اخرج فوالله لأجعلنك تندم على ما فعلته بأمتي ووطني وكيف تركت فيه الفقير جوعانا
اخرج فسوف احاسبك على بكاء اليتامى وحرقة الأرامل وكل اب نام حسرة حيـــــرانا
اخرج كي اخسف صدرك كما خسفت في وطني عدالة القانون وحكم الحق بالميــــزانا
اخرج فقد هدمت كعبة الرب ظلماً وانهارت بها لسوء بلائك الأربـــع الاركــــــــــان
اخرج أيها الملعون شكلاً ومضموناً أيها الشيطـــانا
وانا احاكيه واناديه واتوعد فيــــه……

يضع سيداً طويلاً ذو وجهاً ابيض يده على كتفي
ويقول ما بك هل فيك علة ام داء تنادي اشر خلق الله اليـــك
سمعتك تصرخ وها انا ذا قد حضرت بين يــــديـــــك
فأنا رئيس الدولة فأطلب ما يحلو لك وما يرضيـــك
فرفضت طلبه واصررت على بحثي عن الشيطان…

مشيت قليلا وانا اصرخ غاضباً أيها الشيطان يا ابن ابليــــــس
واذا بشخص ذات كرامة وعزة وقرار يقول لي ها انا ذا قديس
مصلياً صائماً داعياً داعماً لست كاذباً ولست منافقـــا او خسيس
ورفضت ان احاكيه واستمريت ماشياً قلت لا اريد انسان….

ثم وصلت تجمعاً فيه نيفاً من المواطنين
يهتفون باسم الوطن وحرية الكلام والدين
وقد سمعوا كلماتي واتاني قائدهم وهو حزين
وقال يا هذا هل تكن معنا فنحن ضد الفاسدين
فقلت كلا فأنا ابحثن عن معشر الشياطين….

وخرجت من جمعهم متمرداً مصراً على هدفي
وفي تعبي ومسيري مجددا احسست برجل ذو لحية يضع يده على كتفي
ويقول لي انا المفتي بالديار حقاً فكيف لي اعدل ظلم حكماً عليك بكل اسفي
وهل لك ان تبوح ما جرى عليك ظلمـــا
وانا بكل حق اعطيك ما ضاع من حكما
ورفضت عرضه واستمريت ماشياً
يعلوا صوتي بغصة للشيطان محاكياً….

وقد دخلت مكان غرفه كبيرة وقاعة مستنيرة
واسمع فيها تشريع وقوانين وجمع ذات حيرة
حتى وقفت فوق طاولة يسمونها المستديرة
وقلت انا ابحث عن الشيطان هل منكم من يعرف مكانه
هل يعرف شكله لونه صفاته او حتى توقيت زمانه

فأخذ الصمت يخيم عليهم جميعاً
فتركتهم وذهبت بعيداً يائســــا أقول مع نفسي لا وجود للشيطان في وطني

حتى شهدت جمعً من الاخيار والايمان المتباري على وجوههم
احدهم يقول انا الوالي وصاحب القرار
والثاني يقول انا الوزير وقلمي ذات اختيار
والثالث يقول انا المتعاقد وانا الموظف وانا السمسار
والرابع يقول انا المواطن من صوت لكم بعاقبة الأقدار

فتركتهم دون ان اسألهم عن غايتي
متوجهاً نحو المجهول دون دراتي

فوجدت شخصـــا بعـــيدا عن الضوضاء
وحيـــداً فرحاً يسمع الأغاني بكل سعادة واسترخاء
فقلت له مالك فرحاً يا هذا وكيف تجلس هادئاً ونحن بهذا البلاء
واي عزفُ ترقص عليه جوارحك ونحن امة الاشقيـــــــاء والفقراء

فقال لي اتريد تعرف من انا ومن أكون
فقلت ويحك نعم قلي فقد سئمت تعباً ومن شدة نعاسي قد اغمضت بيه العيون
فقــــال كنت تبحث عني في خفايا السر والمكنون
فأنا غايتك وهدفك انا الشيطان أيها المجنــون

فخفت منه وابتعد قليلا وقلت ولماذا انت بعيدا وحيدا
فقال لي انا لا املك وظيفة في وطنك ولا عملاً بديلاً
فقد حل بدل العدل ظلماً
وبدل الايمان كفـــــــرا
وبدل المال فقـــــــــرا
وبدل الخيـــــر شـــراً
وبدل الانســـان شيطاناً

فكل من وجدتهم في طريقك كانوا شياطين
فقد تحولت امتكم الى اشرار وملاعيـــــــن
فلماذا لا تجلس معي كي تنسى الوطن والمواطنين
فلا رحمة نازلة ولا غفران اتي ولا صدق في الدين
ولا حاكماً يعدل ولا سياسي يفي عهده ولا رئيساً من المخلصين

تعال ودعنا نرقص فرحاً وننسى ما يسمموه انسان
فحينها عرفت بان الذين رأيتهم كلهم شيــــــــــطان
ومسكت يداه ورفعته من الأرض وقلت له دعني ارقص وجعاً
واسمع عزفك هماً وارتل الايات حزناً وعمداً تعال كي نرقص وطناً
وطناً قد مزقته الوحوش علماً واكلته الشعوب عمداً
فرقصنا سوية دون الم
صمتاً وكأني أعيش العدم
مراً وكاني اشرب العلة والسقم

ومنذ حينها وانا ارقص مع خليلي
ارقص وجعــــــاً مع الشيــــــطان

( بالتأكيد لا يمكن ان يكون الحكم الجمعي في الطرح واقعي في كل مقال وهناك من شعبي ووطني وحتى جزء قليل من السياسيين يحملون النفس الرحماني والعمل الإنساني ولكن واقع الحال جعلني اطلع صرخاتي عبر كلماتي الناطقة عن وجع امتي بالكامل) عند غياء الضمير يتحول الانسان بعيداَ عن موقعه مكانة منصبة رجل دين سياسي موظف بسيط الى شيطان يعبث بمقدرات الشعب وحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم. تقبلوها مني

بـــقلم: الكاتبة الروائية
زيــــــلا حـــــديــــــد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط