المقالات

استهداف شخصي من المسافة صفر

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

حتى الجولاني نفسه، وعلى الرغم من سجله الملطخ بدماء الأبرياء، وتراكم الأحكام المحلية والدولية الصادرة ضده على خلفية التفجيرات والانتهاكات والممارسات الارهابية التي ارتكبها. .
على الرغم من ذلك تغافل عنه السياسيون في العراق، بينما ظلت مضخاتهم الإعلامية وجيوشهم الإلكترونية ترصد وتطارد مواطن بعينه على الرغم من تخطيه عتبة العقد السابع من العمر. .
لا نريد ذكر أسمه، لأن مجرد النطق باسمه ولو همساً يعني عودة المدافع التسقيطية للهجوم عليه بقنابل الحقد والضغينة. أما إذا كتبنا اسمه الصريح على محرك البحث (جوجل) فسوف نرى كيف اشتركت 90% من منصاتهم الإعلامية في النيل منه، وفي تشويه صورته. .
لقد تحدث العراقيون كثيرا عن المفسدين والسراق والحرامية، وتحدثوا عن المُدانين الذين شملهم قانون العفو العام، لكنهم لا يعلمون شيئا عن ضراوة الحملات الموجهة ضد هذا الشيخ العجوز، الذي سبق له أن شغل أعلى المراكز الوظيفية، وأفنى عمره في خدمة الشعب، وكان رمزا من رموز البساطة والتواضع، ولم يتخلف يوما واحدا عن نشر مقالاته المعبرة عن معاناة الفقراء والمظلومين والمنكوبين. ومع ذلك اشتركت ضده معظم الاحزاب العراقية (على الرغم من خلافاتها وتناقضاتها)، وتوحدت في الانتقام منه من دون ان يتسبب لهم بأي أذى. . فما الذي تبقى له من زاد الدنيا حتى يعلنون عليه الحرب بهذه القسوة ؟. وهل نضبت في قلوبهم الرحمة ليهبطوا إلى مستنقعات الكراهية ؟. أنه لأمر مخيف أن يكون لهؤلاء كل هذا النفوذ والطغيان. .
قبل قليل كانت المنصات الأردنية تذرف الدموع حزناً على اعتقال الشيخ أحمد الزرقان (72 سنة) بسبب كبر سنه، اما صاحبنا فلم يفزع له سوى بعض الشعراء والأدباء والمنصفين. .
اللافت للنظر ان صاحبنا كان من اقرب أصدقاء دولة رئيس الوزراء، والصديق الودود لمعظم النواب الذين تجاهلوه تماما، وسبق له ان ارسل عشرات المناشدات إلى الاخ (محمد السوداني) والى منظمات المجتمع المدني، لكنهم ظلوا يتجاهلونه ويتغافلون عنه، ويتغاضون عن الحملات المسعورة الموجهة ضده. .
هو الآن المجرم الاوحد في العراق، والمفسد الاول في العراق، لكنه لم يسرق، ولم يقتل، ولم يتاجر بالمخدرات، ولم يشترك في تهريب الآثار، وكانت له لمسات إنسانية مشهودة، وينتمي إلى أسرة فقيرة مضحية، وقع عليها الظلم منذ عام 1980 وحتى عام 2025. فقد صدرت قرارات صارمة بمصادرة بيته في البصرة، والاستحواذ على دار استأجرها في بغداد. وان السيد رئيس الوزراء نفسه وعده بحمايته لكنه تنكر له بعد صعوده إلى سدة الحكم. .
لا شك اننا نتحدث عن رجل غير عادي، رجل شهدت له الساحات التنفيذية والإبداعية والثقافية، وله من القراء في موقع واحد ما ينوف على ستة ملايين قارئ، وتحتفظ المكتبات العراقية بمؤلفاته الرصينة التي تصب كلها في مصلحة العراق وشعبه. لكنه يعيش الآن في المنافي البعيدة، بلا راتب تقاعدي، وبلا ملاذ مستقر، فقد بعدت المسافات بينه وبين أسرته، وتراكمت فوق رأسه المصائب والويلات. .
وما قتلته الحادثات وانما حياة الفتى في غير موضعه قتلُ. . .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى