صفحة(30) من مذكراتي
بقلم : محسن الشمري ..
بعد اعتذار السيد عدنان الزرفي عن تشكيل الحكومة وقبله السيد محمد توفيق علاوي ،كان لنا(بمعية مجموعة)لقاء في صباح يوم 9 نيسان 2020 بالسيد محمد شياع السوداني في داره في شارع الوزراء في الجادرية وهذا البيت تعود ملكيته قبل الاحتلال الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وتم تمليكه للسيد السوداني(حاله حال الكثير من المنظومة الحاكمة بعد احتلال العراق في 2003)بطريقة عليها علامات استفهام كبيرة لان التمليك جاء بتقدير قيمة العقار بطريقة تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق ويدفع المتملك 20% من القيمة التقديرية ويتم تقسيط الباقي على 20سنة.
كان الهدف من اللقاء النقاش حول ما يجري من احداث وتقلبات في العراق بعد مظاهرات تشرين 2019 التي خرجت تحت شعار(نريد وطن)وخرجت من رحم الاغلبية التي لا تملك تمثيل في منظومة الحكم في حين تطعن الطبقة الحاكمة بدوافع الاحتجاجات واهدافها وتصفها باوصاف كثيرة منها(الجوكرية وابناء الرفيقات(النساء البعثيات) وعملاء السفارات) في حين ذهب الفريق الاعلامي والجيوش الالكترونية التابعة لعدد من الكيانات الحاكمة الى وصف احتجاجات تشرين بعورة تشرين.
علما بان اغلب اقطاب الطبقة الحاكمة اعترفوا علنا بالفشل وسوء ادارة الشأن العام وما ترتب على الفشل وسوء الادارة من فساد وخراب ودمار وارهاب.
دار النقاش وتبادل الاراء حول الخطوة القادمة لاخراج العراق من هذا المأزق ومن ضمن النقاش كان لي سؤال وجهته الى السيد محمد شياع السوداني(كان حينها عضو مجلس نواب وأحد الاسماء المطروحة لرئاسة الحكومة) والسؤال: هل انت راديكالي وما موقفك من الراديكاليةام انت ليبرالي وماهو موقفك من الليبرالية*.
اعدت سؤالي هذا ثلاثة مرات على السيد السوداني خلال حديثنا الذي استمر حوالي ساعتين واخرها كانت قبل مغادرتنا بدقائق وكانت اجابته خاتمة الحديث عندما اخبرني السيد السوداني بانه ليبرالي ولم يتطرق الى الية تطبيق الليبرالية ولم يتطرق الى اي منهج ليبرالي يؤمن به.
*الراديكالية تعني ( الجذرية ) أو الأصولية، وأصلها كلمة ” Radical ” وتقابلها باللغة العربية ” أصل” أو “جذر”، ويقصد بها صلابة التوجه التي تصل إلى درجة التطرف، بهدف إحداث تغيير جذري للواقع السياسي، وتعود كلمة الجذور إلى العودة للجذور سواء كمصدر للخطوات والسعي إلى تغييره الفوري، أو أن يكون النبع الذي يؤخذ منه التوجه، ومنه يكون البدء، أي العودة للأصول أو الجذور بتعبير أكثر دقة .
اما الراديكالية الاسلامية:
وظهر مفهوم الراديكالية في العالم الإسلامي لوصف جماعات دينية إسلامية، أخذت العنف والمواجهة المسلحة طريقا لها، وشكلت تنظيمات مسلحة لحمل الواقع على التغيير بالقوة، وتقوم التنظيمات والجماعات الدينية المسلحة على أساس فكري ديني يبحث عن الوجود عن طريق تبني موروثات دينية عمرها قرون، كما ترفض الابتكار والإبداع والنقد على أساس عقلي يناقش هذه الأفكار والموروثات القديمة .
أصبحت هذه الجماعات تعيش في عزلة عن الواقع المعاش، وأصبح مصير الراديكالى الديني هو التحول الطبيعي الى التطرف في كل شيء وصولا لحالة القتل والممارسات الخارجة التي ترغب بتغيير الواقع بقوة السلاح لا بقوة الفكر .
**الليبرالية؛عكس الراديكالية لا تعترف بمرجعية مقدسة؛ لأنها لو قدست أحد رموزها إلى درجة أن يتحدث بلسانها، أو قدست أحد كتبها إلى درجة أن تعتبره المعبر الوحيد أو الأساسي عنها، لم تصبح ليبرالية، ولأصبحت مذهبا من المذاهب المنغلقة على نفسها، مع اتفاق الليبراليين على أهمية حرية الفرد.
مرجعية الليبرالية هي في هذا الفضاء الواسع من القيم التي تتمحور حول الإنسان، وحرية الإنسان، وكرامة الإنسان، وفردانية الإنسان. الليبرالية تتعدد بتعدد الليبراليين. وكل ليبرالي فهو مرجع ليبراليته. وتاريخ الليبرالية مشحون بالتجارب الليبرالية المتنوعة،وقد اثبتت دراسة حديثة أن الامر موجود في ذهن الانسان حول كونه ليبرالياً ام محافظا وقد اقيمت الدراسة حول مئات الاشخاص عبر تقييم أي الطرفين أكثر احتفاظاً بالصور السلبية والايجابية وذلك بعرض نوعين من الصور امامهما واعادة سؤالهم عن الصور.
اما الليبرالية الإسلامية:
ظهرت العديد من التيارات الفكرية التي تدعو لليبرالية إسلامية غالبًا ما تدعو للتحرر من سلطة علماء الدين والفصل بين آراء علماء الدين الإسلامي وبين الإسلام ذاته، ويميلون لإعادة تفسير النصوص الدينية وعدم الأخذ بتفسيرات رجال الدين القدامى، حيث يرون أن الإسلام بعد تنقيته من هذه الآراء والتفسيرات فإنه يحقق الحرية للأفراد خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الاعتقاد. لكن يرد عليهم العلماء المعادين لليبرالية بأن الليبرالية نشأت في مجتمع مقهور من قبل الكنيسة. وهي نتاج بشري لا يمكن مقارنته بما جاء من عند الله، حيث أن الإسلام جاء شاملا ويتمثل ذلك في القران الكريم الذي ما هو الا حياة تمثلت في النبي محمد، ولا يحتاج إلى تعديل في أفكاره.