المقالات

بوابات الزمن: عصارة اعمارنا في العراق

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

كلما نظرت إلى وجهي في المرايا أرى شيخا أكبر مني سناً. شيخ يشبهني لكنه بلحية بيضاء ووجه شاحب. .
في عام 2022 كان عمري سبعين سنة بالتمام والكمال. اما الآن ونحن في عام 2025 فقد قفز عمري إلى سن التسعين قفزة واحدة. وكأني اخترقت احدى البوابات الزمنية، فطارت 20 سنة من رصيدي في الحياة. .
كبرت وكبرت معي الأيام. كبرت وكبرت أحقادهم ضدي دونما سبب. كبرت وتعاظمت في نفسي رغبات التكهف والعزلة والانطواء والعيش في المنافي البعيدة. كبرت بعدما عرفتهم على حقيقتهم. .
كانوا يأتونني مقنعين متجلببين بجلباب الورع والتقوى، لكنهم خلعوا أقنعتهم. تركوها على الرصيف. فظهروا على حقيقتهم. .
كبرت حتى ادركت لماذا قال يعقوب: (إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله). قالها بعدما فقد الأمل، وفقد البصر. فأعاد الله إليه بصره وابنه. كان يدعو الله ليل نهار: (يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ولا يحصيه غيره). اما أنا فأفوض أمري إلى الله. .
قبل ايام كنت اقرأ سورة البروج: (والسماء ذات البروج واليوم الموعود). ثم اكتشفت انهم يقودون كتائب (اليوم الموعود) في مدارات البروج. .
من اخطائي المتكررة انني كنت أرفع أشرعتي الممزقة بوجه الريح في الليل الضرير، رغم انني كنت ادرك ان سفينتي متوجهة نحو السواحل الضحلة. ومع ذلك كنت أواصل السير الحثيث نحو المجهول بلا بوصلة كي اتأكد من ذكاء غبائي. .
قد يشيب رأسك ويصيبك التعب والإرهاق والوهن إذا تجرأت ان تكون مختلفاً، لأن اختلافك بالرأي جريمة تعاقبك عليها الخفافيش الظلامية. وإياك إياك ان تستخدم عقلك في التحاور معهم، لأنك سوف تصبح في حساباتهم من المجرمين. .
قد تمتزج البداوة بالتمدن بين الكرخ والرصافة، فتنسلخ الأولى من أصالتها، و تفقد الثانية مضمونها، و يختلط الحابل بالنابل، ليخرج لك مجتمعاً هجيناً تسوده الفوضى. .
كلما ينبغي ان تعلمه ان المظاهر الدينية المتطرفة والمواقف السياسية المتأرجحة هي التي كان يحاربها الأنبياء والرسل قبل أكثر من 1400 سنة. .
ختاماً:
ومـا قتـلتني الحـادثات وانـما
حياة الفتى في غير موضعه قتلُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى