من الماضي القريب .. لا تسألني عن الشعر في الغربة بل اسألني عن الغربة في الشعر .. حاوره – عد الأمير الصغير
بقلم : الشاعر فالح حسون الدراجي …
بدأ كتابة الشعر وهو في الصف الثالث المتوسط، لكنه لم يعر اهتماما لتلك الكتابات بسبب انشغاله التام بلعبة كرة القدم حيث كان لاعبا ماهرا وذا موهبة بارزة أنسته الشعر وقتها .. ولد في محافظة ميسان ـ ناحية كميت في العام 1951 ثم انتقل مع عائلته في العام 1960 إلى بغداد ولم تزل عائلته تسكن هذه المدينة الطيبة ولم يزل قلبه يسكن في أزقتها .. كتاباته الشعرية تجمع بين القصيدة الشعبية والنص الغنائي بلغة قريبة من اللغة الفصحى ..
انه الشاعر العراقي المغترب فالح حسون الدراجي، الذي التقيناه ليحدثنا بكل عفوية وشفافية وحسرة بين حبه لأزقة مدينته المتربة كما يقول وبين الم غربته التي يصفها بعبارة ( كل يوم إلي دار ) حيث حدثنا : أولى كتاباتي عن الوطن واخرها عن الوطن .. أميل للنص الغنائي ربما بحكم روحي الغنائية ، الم تر أن الكثير من القصائد قد ضاعت في زوايا النسيان بينما لم تزل أغنيات داخل حسن وحضيري أبو عزيز ووحيده خليل وأم كلثوم وعبدالحليم وفائزه احمد خالدة وطرية وهذا الانحياز لا يمنع بأني اكتب القصيد الشعبية بين لوعة وأخرى ..
*ماهي أول قصيدة كتبتها ؟
-أول قصيدة كتبتها اسمها ( يمته ترد ) وقد نشرها لي الشاعر والصحفي عادل العرداوي في جريدة المجتمع ومن ثم في جريدة الراصد ..
*متى تكتب الشعر واين تكمن عندك ساعة الإلهام ؟
-ليس ثمة وقت ولا مكان لكتابة الشعر، أحيانا تهجم عليك ( شياطين ) الشعر وأنت في أحلى ساعات النوم فتوقظك رغما عن انف الفجر الذي تحلم فيه أحلى أحلامك، وأحيانا يحاصرك الشعر وأنت تشاهد مباراة الشرطة والزوراء في ملعب الشعب فتنسل مثل خيط الحرير لتكتب شيئا لا يعرفه غيرك، باختصار ليس هناك مكان ولا زمان لكتابة القصيدة، لكن هناك فكرة واستعداد غير منظم للكتابة بمعنى انك في حالة استعداد شعرية دون أن تشعر بهذه الحالة إلا حين تصطادك اللحظة الشعرية ..
*أين مكتبتك الشعرية ؟
-حين خرجت من العراق تركت كل كتبي وقصائدي لدى بيوت الأهل والأقارب.. وقبـل ذلك كان ( تنور) أمي قد التهم الكثير من مصادر ثقافتي، واليوم حيث أقيم في الغربة فلم يبق لي غير أفئدة الأحبة والأصدقاء وغير صناديق المحبة مكتبات أحفظ فيها أشعاري وقصص عشقي وذكريات حياتي .
- أنت رومانسي إلى حد كبير وفنان هل فكرت أن تكون يوما ممثلا ؟
-فكرت بهذا الموضوع فعلا وأنا في العاشرة من عمري عندما كنا نذهب إلى سينما الفردوس وكنت معجبا أيما اعجاب بالممثل الكبير عمر الشريف ورشدي أباظه وقد وافقت دون نقاش حين عرض عليّ الممثل عبدالله الناصر العام 1968 دورا في مسرحيته الشعبية التي عرضت آنذاك على مسرح ثانوية قتيبه في المدينة، واذكر أن المسرحية كانت بعنوان ( اشكال وارناك ) وقد كان دوري فيها لشاب خنافس حيث كانت الخنافس وقتها ظاهرة جديدة غزت الشارع العراقي، بعد ذلك الدور لم اقترب من المسرح إلا متفرجا.
*ماذا عن الشعر في الغربة ؟
-لا تسألني عن الشعر في الغربة بل أرجو أن تسألني عن الغربة في الشعر.. فالشعر في الغربة معروف بلوعته واساه وجمرات شوقه .. أما الغربة في الشعر فهي الأسى والحرقة والوجع الذي لا يشعر به غير من تغرب في قصيدته واكتوى بغربة قوافيه، هل تريد أن أدلك على عشرات الشعراء الذين لم يغادروا أوطانهم لكن قصائدهم تكتنز وتزدحم بأوجاع الغربة ومآسي الاغتراب !! - مشاريعك القادمة ؟
-أنوي طبع ديوان جديد، فأنا لم أطبع ديوانا شعريا منذ العام 1975 كما انوي انجاز كتابي الأول وهو تسجيل فني لمراحل مهمة في حياتي وسأضع فيه الكثير من الأشياء التي لم يقلدها احد، كما انوي إصدار البوم غنائي يضم أكثر من ثلاثين أغنية لعدد من الفنانين الملتزمين، منهم الفنان فؤاد سالم ورعد بركات والفنانة فريده والفنان حسن بريسم .
ماهو رأيك بالشعراء الشباب ؟
-الشعر الشاب شعر مرعب ومخيف والأصوات الجديدة أصوات ترهب اكبر الشعراء وأعظمهم .. ما اسمعه واراه اليوم في ساحة الشعر الشعبي يجعلني أخشى وأخاف من أن أقرأ مع احدهم في منصة واحدة خوفا من جنونهم الشعري، لكني في الوقت نفسه أتمنى أن أكون تلك المنصة كي استمتع بهذه الشاعرية.