الشفافية في السياسة: كيف يمكن للحكومة استعادة ثقة الشعب في زمن الاضطرابات؟
بقلم : هاله التميمي ..
فقدان الثقة هو أكبر تحدي يمكن أن تواجهه الحكومة في مثل هذه المواقف. عندما يشعر الشعب بأن قرارات القيادة غير شفافة أو غير متوافقة مع تطلعاتهم، تصبح الثقة في الحكومة مهددة. في هذه الحالة، قد يتعامل الناس مع التصريحات الحكومية على أنها محاولات لإخفاء الحقيقة أو التلاعب بالمواقف لصالح أطراف معينة، مما يعمق الهوة بين الحكومة والشعب.
من أجل استعادة الثقة، يجب على الحكومة أن تكون صادقة وواضحة في شرح دوافعها، بما في ذلك الأبعاد الاقتصادية والسياسية التي قد تستدعي مثل هذه اللقاءات. يجب أن تركز القيادة على تقديم تبريرات منطقية تتعلق بمصلحة العراق بشكل عام، مع التأكيد على أن مصلحة الشعب وكرامته تأتي في المقام الأول.
كما أن التفاعل المباشر مع المواطنين من خلال وسائل الإعلام أو المنابر العامة يمكن أن يساعد في تقليل التوترات. عندما يشعر الناس أن القيادة تستمع لهم وتفهم مخاوفهم، حتى في المواقف الصعبة، يمكن أن يكون لذلك تأثير إيجابي في تجديد الثقة.
“زيارة مثيرة للجدل!!!!
صحيح، موقف الشعب العراقي تجاه أحمد الشرع قد يكون أكثر تعقيدًا بالنظر إلى ماضيه. إذا كان الشرع قد تورط في قضايا معينة في العراق واعتُبر تهديدًا أمنيًا أو كان مرتبطًا بأحداث إرهابية، فهذا سيؤثر بشكل كبير على تصورات الناس حوله. في هذا السياق، من الطبيعي أن يشعر الشعب العراقي بالغضب أو الاستياء من أي محاولة للتقارب مع شخصية لها تاريخ في النزاع أو العنف في العراق.
كما أن هناك نوعًا من الحساسية تجاه الشخصيات التي تمثل الأنظمة التي يعتبرها الشعب العراقي مسؤولة عن الفساد أو الانتهاكات. وبالتالي، إذا كان هناك شعور بأن السوداني قد يكون قد وافق على هذا اللقاء لأسباب دبلوماسية أو سياسية دون مراعاة مشاعر الشعب، فهذا يمكن أن يثير حالة من الاستنكار والرفض.
من جانب آخر، ربما تكون هناك ضغوط إقليمية أو مصالح استراتيجية تحتم على العراق التعامل مع شخصيات مثل الشرع، رغم المواقف الشعبية السلبية تجاهه. ولكن في النهاية، لا شك أن هذا التناقض بين المصلحة الوطنية والمشاعر الشعبية يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة العراقية.
سؤال يطرح نفسه
هل ترى أن السوداني كان يجب عليه أن يتجنب هذا اللقاء بناءً على الموقف الشعبي، أم أن الوضع يتطلب منه اتخاذ خطوات أكثر براغماتية؟
عندما لا يكون التصريح الأول واضحًا أو لا يتطرق إلى التفاصيل الجوهرية التي تهم الجمهور، يصبح الأمر أكثر إشكالية. في السياسة، خاصة في القضايا الحساسة مثل العلاقات مع شخصيات مثيرة للجدل مثل أحمد الشرع، يتوقع الناس أن تكون هناك شفافية تامة، وأن يعرفوا الأسباب الحقيقية وراء اتخاذ هذه القرارات.
إذا لم يُفسر التصريح بشكل دقيق أو لم يتم شرح الدوافع وراء اللقاء بشكل كافٍ، فإن هذا يترك مجالًا كبيرًا للتكهنات والشائعات. الأمر قد يُعتبر محاولة لتخفيف ردود الفعل الشعبية أو ربما تجاهلها تمامًا، مما يزيد من انعدام الثقة في الحكومة.
من الممكن أن يكون هذا التصريح قد خدم مصالح معينة داخل الحكومة أو كان نتاجًا لمحادثات خلف الكواليس، لكنه من دون شك كان بحاجة إلى مزيد من التوضيح لتهدئة الأجواء بين الحكومة والشعب.
بالفعل، التواصل الشفاف والمستمر مع الشعب أصبح أمرًا حيويًا. في مثل هذه الأوقات الصعبة، على الحكومة أن تكون أكثر قربًا من المواطنين وأن تشرح قراراتها بطريقة تبني الثقة بدلًا من أن تزيد من الشكوك. الحوار المفتوح والمباشر مع الشعب يمكن أن يساعد في تحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى تقديم تفسيرات واقعية ومدروسة.من خلال الوضع الحالي والمناخ السياسي في المنطقة، يمكن أن تكون نهاية اللقاء بين السوداني والشرع معقدة وغير واضحة. هذا النوع من اللقاءات عادةً ما يحمل أبعادًا دبلوماسية معقدة، ويمكن أن يتخذ عدة اتجاهات وفقًا للظروف المحيطة.
- تعزيز العلاقات الإقليمية: إذا كانت الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون بين العراق وسوريا في مجالات مثل الأمن، الاقتصاد، أو إعادة الإعمار، فقد تكون هناك نتائج إيجابية في هذا الاتجاه، مثل فتح أسواق جديدة للعراق أو تعزيز التنسيق الأمني لمكافحة الجماعات الإرهابية.
- تخفيف الضغوط السياسية: إذا كانت هناك ضغوط إقليمية على العراق لتقوية علاقاته مع سوريا أو لإثبات موقف متوازن في المنطقة، فقد يكون اللقاء مجرد خطوة لتخفيف هذه الضغوط دون أن ينتج عنه تغيير جوهري في السياسات.
- تصعيد المشاعر الشعبية: بالنظر إلى المواقف الشعبية السلبية تجاه الشرع، إذا لم يتم توضيح أهداف اللقاء بشكل شفاف أو إذا تم التعامل مع القضية بشكل غير حساس لمشاعر الشعب العراقي، فقد يتسبب هذا اللقاء في تفاقم المشاعر السلبية وزيادة فقدان الثقة في الحكومة.
في النهاية، يتوقف تأثير اللقاء على الطريقة التي سيتم بها التعامل مع نتائجه إعلاميًا وعلى مستوى التنفيذ، بالإضافة إلى قدرة الحكومة على شرح تلك النتائج للجمهور بطريقة تضمن لهم أن مصالحهم الوطنية أولوية.
وفي ظل الوضع السياسي والأمني الحالي في العراق. إذا شعر بعض الفصائل أو الجماعات المسلحة بأن الحكومة تتقارب مع أطراف معينة تعتبرها جزءًا من العدو أو تهديدًا لمصالحها، فقد يكون هناك تصعيد في المواقف. الفصائل التي لها تأثير قوي على الأرض قد تشعر بأن هذه الخطوات تهدد مصالحها، سواء في مجالات النفوذ أو الأهداف السياسية.
التصعيد قد يأتي من عدة جهات - الفصائل المسلحة: التي قد تستخدم التصعيد كأداة ضغط على الحكومة من أجل ضمان أنها تلتزم بمواقفها التقليدية أو لا تتخلى عن تحالفاتها القديمة.
- الاحتجاجات الشعبية: التي قد تنشأ نتيجة للغضب من التقارب مع شخصيات أو أطراف تعتبرها جزءًا من النظام الذي ارتكب العديد من الانتهاكات ضد الشعب.
- الضغوط الإقليمية: حيث قد تكون هناك أطراف إقليمية تحاول التأثير على القرار العراقي، ما يؤدي إلى مزيد من التوترات على الساحة الداخلية.
من هذا المنطلق، ستكون الحكومة العراقية بحاجة إلى استراتيجيات احتواء فعّالة. وقد يشمل ذلك تحركات أمنية لمنع أي تصعيد ميداني، بالإضافة إلى جهود للتواصل مع الفصائل السياسية المختلفة لضمان عدم تصاعد الاحتجاجات أو الخلافات.السياسة هي فن الممكن، ومن هذا المنطلق يمكن أن نجد أن العديد من اللقاءات الدبلوماسية تأتي نتيجة لاعتبارات سياسية معقدة ومصالح استراتيجية قد تكون غير واضحة في البداية. غالبًا ما يضطر القادة السياسيون إلى اتخاذ خطوات بناءً على حسابات تتعلق بالتوازنات الإقليمية، المفاوضات السرية، أو ضغوط خارجية، حتى وإن كانت هذه الخطوات قد تثير الجدل.
اللقاء بين السوداني والشرع، مثل أي تحرك سياسي، قد يكون جزءًا من “فن الممكن” الذي يتطلب توازناً دقيقًا بين مصالح العراق وتلك التي قد تكون ضاغطة عليه من محيطه الإقليمي. في مثل هذه الحالة، قد تكون النية هي تحسين وضع العراق في معادلات إقليمية معينة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية، بغض النظر عن ردود الفعل الشعبية.من المحتمل جدًا أن يواجه السوداني ضغوطًا متزايدة في الفترة القادمة، خاصة في ظل التنافس الداخلي على قضايا المواطنة والتمثيل السياسي. القوى السياسية والفصائل المختلفة قد تسعى لتكثيف الضغط عليه من أجل تلبية مطالبها أو لتوجيه سياساته بما يتماشى مع مصالحها. هذا قد يشمل ضغطًا من الفصائل المسلحة، القوى السياسية الممثلة للطوائف المختلفة، بالإضافة إلى الشارع العراقي الذي أصبح أكثر وعيًا بمطالبه.
السوداني قد يجد نفسه في موقف صعب بين محاولة الحفاظ على توازنات إقليمية وضغوط الداخل التي تطالب بتغيير حقيقي في السياسات تجاه المواطنة والعدالة الاجتماعية. إذا لم يستطع التوفيق بين هذه الضغوط، فقد تكون عواقب ذلك صعبة على استقرار حكومته.