المقالات

تأزيم الأزمات وتعقيد المشكلات

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

لكل بلد من بلدان العالم ازماته ومشاكله الداخلية، ولكل شعب من شعوب الأرض أساليبه وأدواته في التصدي لها والتعامل معها بحكمة وروية تمهيدا لاحتوائها وتذليلها والتغلب عليها. لكننا في العراق نختلف تماما عن بقية الشعوب والامم، فكلما تصاعد دخان مشاكلنا هرع الكثيرون إلى تأجيجها وصب الزيت على مواقدها، ثم يأتي دور الإعلام المأزوم لتأزيم الموقف وتعقيده، يأتي بعد ذلك دور المتصيدين والمنتفعين والانتهازين والمنافقين لخلط الأوراق وتوزيع الاتهامات جزافا على الناس دونما دليل. .
لدينا الآن عشرات البؤر الإعلامية والسياسية المتخصصة بافتعال الأزمات وتصنيعها، وإطلاقها في الجو على شكل فقاعات تتفجر هنا أو هناك، وقد تتضخم فتصبح اكبر حجما كلما اقترب موعد الانتخابات. .
انظروا كيف تتحول المشاكل (المفتعلة وغير المفتعلة) إلى مادة نقاشية تشغل الرأي العام، فيتحدث بها وعنها الجاهل والمتعلم. الكبير والصغير. مثال على ذلك: أزمة تنظيم الملاحة في خور عبدالله التي ولدت عام 2013، وصوّت عليها البرلمان عام 2013، وصادق عليها مجلس الوزراء عام 2013. ودعمتها وزارة الخارجية عام 2013. لكن هذه الأزمة توسعت وتمددت. ثم زحفت وظلت تزحف حتى عادت علينا عام 2025 بعد اعتراض المحكمة العليا عليها، لكننا وبدلاً من التحرك إلى الأمام كقوة وطنية فاعلة ومؤثرة، فوجئنا بسيل من الاتهامات الجارفة التي شملت القاصي والداني. وفوجئنا بهجمات وطعنات منسقة ومقصودة، يراد منها التدليس والتشويش والاساءة لبعض المستهدفين، ثم تحوّل الأمر إلى ساحة تسقيطية طالت شريحة واسعة من المجتمع، وظهرت علينا دفعات غير متجانسة من المتطفلين على البحار والمحيطات، من الذين لم يركبوا زورقا ولا سفينة، ولا يجيدون السباحة في النهر، ولم يعبروا جسرا، ولم يقودوا قاربا من قوارب النزهة. بينما اختفى خبراء وزارة الخارجية، وخبراء وزارة النقل، وخبراء مديرية المساحة العسكرية، وخبراء القوة البحرية، وخبراء الهيئة البحرية العراقية العليا. واختفى معهم الخبراء الذين شاركوا في لجان المفاوضات مع الكويت. اختفوا كلهم ولم تتحاور معهم الفضائيات. وصرنا نحن خبراء البحر والملاحة مهمشين تماما، بعدما صارت الساحة مفتوحة لمن هب ودب، فتساوت (القرعة وأم الشعر)، ولم تعد هنالك أية فوارق بين المتخصص وغير المتخصص، وبين المتعلم والجاهل. .
ختاما: لن يتنازل العراق عن سيادته الكاملة في خور عبدالله ولا في شط العرب مهما طال الزمن ومهما تفاقمت الأزمات. وما ضاع حق وراءه مطالب. .
وللحديث بقية. . .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى