زمن العطش العراقي
بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
ينبع نهر دجلة من مناطق شرق تركيا حيث سلسلة جبال متطاولة ويدخل الأراضي العراقية التي إعتادت على أن تكون أراض خضراء جميلة زاهية بالزروع والأشجار وبساتين النخيل التي يضرب بها المثل حتى قيل عنها ( أرض السواد ) في أزمنة بعيدة ، وأختار أبو جعفر المنصور إحدى أهم المناطق على ضفاف دجلة ليبني عليها بغداد العاصمة التي حكمت الأرض لعقود وأبرزت حكاماً وخلفاء كانت لهم السيادة والريادة .
مرت السنوات والعراق يتنعم بمياه نهري دجلة والفرات ، وإزدهرت أشهر حضارات العالم على ضفافهما ، وينتهيان في الجنوب بمسطحات مائية كانت تسمى جنات عدن وهي الأهوار ، بينما نشطت التجارة والزراعة على إمتدادهما ، وكانت تلك الحضارات متطورة وناهضة وبدأت من الموصل في حضارة آشور وممالك النمروذ والآثار الشهيرة وما تزال ماثلة وكذلك في صلاح الدين وفي بابل العظيمة وفي الجنوب حيث أور وأورنمو وأكد ومواطن الديانات الأولى على عهد إبراهيم الخليل .
تحاول تركيا إنشاء المزيد من السدود ، ومنعت إيران جريان المياه نحو الأراضي العراقية وغيرت مسار بعض الأنهار ، وهي نشاطات طبيعية من أجل إقامة المشاريع الكبرى في الزراعة والتوطين وإنتاج الكهرباء ، ولكن ذلك في الواقع إنعكس سلباً على العراق وشعبه حيث إنخفضت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات بشكل كبير ، وصار من الصعب ضمان أن يستمر النشاط الزراعي في مدن العراق ، بل ولم يعد ممكناً ضمان أن تتوفر المياه الصالحة للشرب مع إزدياد عدد السكان وإرتفاع درجات الحرارة والتبخر العالي والفوضى في الإستخدام وعدم إنشاء سدود كافية لخزن مياه الأمطار التي تسقط في الشتاء وتسبب السيول والفيضانات الجارفة .
ماهي الحلول الممكنة التي توفر ضمانات تقليل الخسارات التي تهدد مستقبل العراق وشعبه ويمكن أن تنهي الحياة فيه خاصة وإن العراق بلد صحراوي وجاف ، وبحاجة إلى إستراتيجيات مختلفة أكثر فائدة ومغادرة مرحلة العبثية والتخبط الذي تعودناه خلال السنوات الماضية ، فليس معقولاً أن لا نتمكن من حل مشاكلنا التي نعرفها ونتوقعها ونفهمها خاصة مشكلة المياه والكهرباء التي تعد من المشاكل المتوقعة ، فكيف بالمشاكل غير المتوقعة التي تهدد الدولة والشعب والتي يمكن أن تصيب العراق بمقتل .
Fialhmdany19572021@gmail.com