“الرياضة تجمعنا”
بقلم: سمير السعد ..

في ملاعب العالم، لطالما كانت الرياضة أداة فعّالة لتقريب القلوب وتوحيد الصفوف، فهي اللغة المشتركة بين الشعوب باختلاف أعراقهم وأديانهم وثقافاتهم. ولطالما عبّر التشجيع النظيف عن أرقى صور الانتماء والحب الصادق للوطن، لا سيما عندما يكون في إطار من الوعي والاحترام والتسامح.
لكن ما شهدته بعض الملاعب مؤخرا من حالات تنمّر وشحن جماهيري وتجاوزات، لا يمتّ بصلة إلى جوهر الرياضة وروحها النبيلة. هذه السلوكيات المؤسفة تنسف قيم التآخي والاحترام، وتحوّل المدرجات من ساحات فرح إلى منصات للفرقة والتطرف، كما حصل في بعض المباريات الجماهيرية ومنها مؤخرا لقاء نهائي كأس العراق بين زاخو ودهوك في ملعب الشعب الدولي، حيث رافقت المباراة مشاهد مؤلمة تمثلت في الاعتداء على رجال الأمن وتخريب المدرجات.
التاريخ القريب يحمل لنا درسا عظيما ، ففي عام 2007 وحين أحرز العراق بطولة كأس آسيا بهدف يونس محمود، توحّدت القلوب قبل الأعلام، وخرج العراقيون بكل أطيافهم يحتفلون سويا ، رافعين اسم الوطن فوق كل خلاف. ذلك المشهد الخالد يؤكد أن الرياضة كانت وما زالت قادرة على صناعة الأمل، وتجاوز المحن، وتوحيد الصفوف.
من هنا، تقع على عاتق الجماهير مسؤولية كبيرة في الحفاظ على روح اللعبة، ونبذ كل مظاهر العنف والتعصب، والتحلي بأخلاق رياضية راقية، تتقبل الفوز والخسارة بروح المحبة. كما يتوجب علينا دعم رجال الأمن في أداء مهامهم، ونشر ثقافة التشجيع الحضاري، الذي يعكس صورة المشجع العراقي الحقيقي، المثقف، الوطني، الواع.
وفي هذا السياق، نثمّن الجهد الكبير الذي تبذله اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب، عبر استراتيجيتها المتقدمة وأنشطتها المتنوعة، ولجانها الفرعية المنتشرة في بغداد والمحافظات، والتي تعمل بكل تفانٍ لنشر ثقافة التعايش السلمي ونبذ الكراهية في المجتمع، ومنها الوسط الرياضي.
فلنجعل من المدرجات منابر للمحبة، ومن التشجيع رسالة للوحدة، ولننطلق من هذه الأحداث المؤسفة نحو مرحلة جديدة أكثر وعيا ومسؤولية. لنقل للخاسر “هاردلك”، وللفائز “مبارك ”، ولتبقَ الرياضة بيتا واسعا يسع الجميع، وراية بيضاء ترفرف فوق كل الألوان والانتماءات.
الرياضة تجمعنا.. فلا تفرقنا أصوات التعصب والكراهية