بينَ القلم والشاشة
تقرير بقلم : رُقيه محسن ..
معَ تطور التكنلوجيا أصبحت الكتابة الرقمية أكثر انتشارًا مما أدى تقليل الكتابة اليدوية في الحياة اليومية كأستبدال كُل ما هوَ حبر بشاشات أللمس وأستخدام التطبيقات والبرامج للكتابة والتحرير فضلاً عن تصحيح بعض الكلمات تلقائيًا وعندما كان القلم والوَرقة الركنين الأساسيين للتواصل عل مدى القرون باتت الآن الرسائل والمُلاحضات تُدون عبرَ الشاشات وأحيانًا بلوحات المفاتيح وأحيانًا أخرى بأوامر صوتية فقط
أنَ تراجع الكتابة اليدوية ليسَ مجرد تغيير عادات بل قد يخلق تداعيات أعمق على اللغة والذاكرة البشرية
أوجه بعض الخبراء رأيهم حولَ هذا الموضوع قائلين ” أن الأعتماد المُتزايد على التكنلوجيا في تدوين الأفكار والتواصل اليومي يؤدي الى أضعاف المهارات اللغوية وتقليص قدرة الأفراد على أستيعاب المعلومات وأسترجاعها
يتسائل بعض الباحثون عما اذا كانت الأجيال القادمة ستفقد جزءًا من مهاراتها التعبيرية والأدراكية أم انها ستتمكن منَ التكيف مع الواقع الرقمي الجديد من دون ان تخسر الروابط العميقة التي ربطت الأنسان بّــــلقلم والورقة
وَلعلنا نتسائل دومًا ما الذي يدفعنا للكتابة لما لم يخبرنا المُدرسون الهدف الحقيقي من الكتابة بدلاً من تهديدنا بأضعاف درجاتُنا؟؟
والمُبتغى الرئيسي من الكتابة هوَ أن نتعلم كيف نُفكر لأن التفكير يجعلنا نعمل بفعالية في الحياة أن كان بأستطاعتنا التفكير والكتابة ستصبح لدينا قوة خارقة لا شيء سيقف في طريقنا أن تمكنت من صياغة جميع حججك بمنطقية وأن استطعت التحدث الى الناس وعرض أقتراحاتك ستكون مسلح بكتاباتك حينها أكتب لان الكتابة هيَ سيفك ودرعك الواقي تعلم كيف تستخدمهم ومتى.
في هذا السياق، يرى البروفيسور حياتي دوه لي، أستاذ اللغويات بكلية الآداب في جامعة إسطنبول، أن التحولات التي طرأت على أدوات الكتابة التقليدية باتت تلقي بظلالها على الفكر والإبداع، مشددا على أن “عملية الكتابة لا تنتهي، بل تتغير أدواتها فقط”.ويستعرض دوه لي التطور التاريخي للكتابة، موضحا كيف بدأ الإنسان بالنحت على الحجارة والكتابة على الألواح الطينية، ثم أنتقل إلى أستخدام أدوات مثل القصب وريش الطيور، وصولاً إلى الآلات الكاتبة، وأخيرا إلى لوحات المفاتيح الرقمية.
ويؤكد: “الشباب يكتبون، ونحن جميعا نكتب، ولكن بأدوات مختلفة”، إلا أن السؤال الأهم، برأيه، هو تأثير هذه الأدوات على مهاراتنا اللغوية وقدرتنا على التعبير
ويشير الأكاديمي “الأبحاث تظهر أن التمارين الكتابية التي يتم حلها بالقلم منذ الصغر تقدم فوائد معرفية تمتد إلى مراحل العمر المتقدمة، بينما تظل الكتابة الرقمية، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محدودة التأثير في تطوير المهارات اللغوية الأربع -القراءة والكتابة والتحدث والاستماع- يتطلب ممارسة منتظمة أن “الأشخاص الذين لا يمارسون الكتابة اليدوية بانتظام يفقدون تدريجيا القدرة على استغلال إمكانياتهم اللغوية بشكل كامل”.
ويوضح “الكتابة تتيح استخدام اللغة بعمق وكفاءة، لكن في حال تجنبها، سيقتصر الاستخدام اللغوي على التواصل اليومي البسيط قد يكون ذلك كافيا للبعض، لكنه لا يكفي لتحقيق ثقافة متقدمة، أو أدب راقٍ، أو إنتاج علمي حقيقي، فكل هذه المجالات تتطلب ممارسة الكتابة بشكل مكثف ومستمر”
ويختم دوه لي محذرًا من أن تراجع استخدام الكتابة اليدوية لا يؤثر فقط على الإبداع والذاكرة، بل ينعكس أيضا على إتقان قواعد الكتابة والإملاء، وهو ما يهدد سلامة اللغة وقدرة الأجيال القادمة على التعبير الدقيق.