هيهات منا الذلة
بقلم : محسن الشمري …
ثلاثة كلمات جامعة مانعة تلخص وتختصر علامات الدلالة على الطريق الذي يشتمل على منهج القيادة والوعي والوفاء والثبات والاخلاص والصبر والاستمرارية والتفاعل الايجابي والتطوير في بناء النفس والانسان والمجتمع والدولة.
قيادة الامام الحسين الواعية المنيرة ووفاء وثبات واخلاص وصبر العباس وعلي الاكبر وحبيب وزهير وعابس والبقية من فريقه، وصبر السجاد والحوراء وحملهما الامانة وترجمتها في كل محطة ومجلس ،رغم هول الجريمة التي ارتكبها فريق السلطة الذي اجتمع تحت راية الانانية والمكاسب سريعة الزوال بالتقرب الى الحاكم يزيد بن معاوية على حساب كرامة الانسان وعزته التي قرنها الله تبارك وتعالى بعزته.
ان هذه الجريمة التي بدأت حلقتها الاولى على يد [المتحرر]بن يزيد الرياحي قبل فوات الاوان بسويعات عندما تحرر من عبودية الدنيا والانا وطاعة الحاكم الذي يتلاعب باموال رعيته ويظلمهم، وتبعتها الحلقة الثانية برفع رؤوس الاولياء ودعاة القسط والعدل ، وسبي عيالهم لتبدأ ثالث الحلقات بتمرير موكب الرؤوس والسبايا على الولايات.
ان تنقل موكب الرؤوس والسبايا بين محطات كثيرة حلقة من حلقات الكارثة الكبرى التي حلت بالانسانية ودفعت البشرية ومازالت تدفع ثمنها باهضاً لان مطلب القسط والعدل عند الامام الحسين ومن وقف معه لم ولن ولا يكون خاصاً بفئة اومذهب او طائفة او دين فهو مطلب انساني اجتماعي اخلاقي لكل اثنين من البشر ولكل مجتمع من قابيل وهابيل حتى قيام الساعة.
يتبعها حلقة رابعة بعدم تفكيك قضية الامام الحسين واعادة تركيبها مثلما يريد صاحبها وتغليب استصحابات التاريخ واسقاطاته المليئة بالغث والسمين التي حولت مشاعية مشروع الامام الحسين في بناء الانسان والمجتمع والدولة الى ملك خاص لهذه الفئة او تلك الاسرة او ذاك الشخص
إن سيوف السلطة التي اجتمعت يوم العاشر بعدما قام [المتحرر] الرياحي بقطع الطريق على الامام الحسين الى الكوفة والسير به الى كربلاء البعيدة عن مسارات النقل والاستفراد به ومحاصرته ومنع الماء والطعام عنهم وطلب هذا [المتحرر] من السلطة المزيد من القوات لانهاء موضوع الحسين في قلب الصحراء من اجل مكانة فانية عند الحاكم.
ان هذه السيوف دافعت عن نظام ابتلع الدولة والحقوق العامة والاموال وكبل العقول والحريات تحت شعارات تتكرر في كل مكان من اركان المعمورة بألفاظ مختلفة لكنها تحمل نفس المعنى والمضمون.
إن الامام الحسين خرج من اجل كرامة الانسان وعزته حاملاً مشروعاً متكاملاً يطبقه على نفسه بوعي وايمان ولا يتوقف عند احد من افراد عائلته او اصحابه وخاصته ويستمر الى كل اخ له في دينه وكل نظير في الخلق في كل زمان ومكان.
الامام الحسين خرج ليذكر بان الحرية نُفخت مع روح الانسان وليرفع القيود عن العقول وليحطم البشر الذين تحولوا الى اصنام وليضع العلاج الى الانانيات وينتزع الشرك الظاهر والخفي حتى تنهض المجتمعات لاداء دورها في العمل والبناء والتطور والتنمية.
الامام الحسين يريد انصاف المظلوم اينما كان ومحاسبة الظالم مهما حتى لاينتشر الجوع والجهل والامراض وتنتهك الارواح والحرمات ويتوقف القنص والاغتيال والتغييب والتشريد والانحراف والفساد والافساد.
الحلقة الخامسة والمستمرة والتي توازي ماجرى يوم عاشوراء ويتكرر فيها ماجرى ؛ بدات بمخالفة مطلب الامام الحسين الاخلاقي في القسط والعدل من الكثير ممن رفعوا ويرفعون شعار هيهات منا الذلة ونفاقهم عمليا على الارض بامتيازات واستثناءات ما انزل الله بها من سلطان ويرفعون من لا يملك الصلح مع نفسه والصلاح مع اهله وارحامه ومجتمعه والاصلاح في نيته وفعله وجعلوا منهم ألسنة لهم واقلام وادوات يسممون محيطهم ويملؤون الدنيا بالكذب والفتنة والغيبة والنميمة وسوء الإدارة والفساد والتزوير والرشوة والارهاب.