المقالات

أنا جوعان !!

بقلم : سمير السعد ..

في لحظة صمت خانقة، وأمام شاشة الهاتف، جاءني صوته متعباً، مخنوقاً، مثقلاً بالوجع. كان صديقي وزميلي الصحفي في غزة، سامي أبو سويلم، يرد على سؤالي البسيط: “كيفك طمني عنك؟” بجوابٍ لم يحتج إلى تفسير أو تفصيل، “أنا جوعان”.

كلمتان فقط، لكنهما أشعلتا في قلبي ناراً لا تُطفأ. شعرت بها تخترق صدري، فانهارت دموعي قبل كلماتي، وبدأ قلبي ينزف ألماً لا يشبه أي ألم. لم أعد أعرف ما أقول. حاولت أن أسأله عن يومه، عن حياته، عن لقمة يسد بها جوعه، فقال بصوت منكسر ، “بكسرة خبز أو لا توجد، مع قليل من الماء، أضميء جوعي وأحاول أنسى.”

هذا حالهم في غزة… جوع لا يُحتمل، ومشهد يومي للخراب، وانهيار تام للحياة. موت جماعي تحت صمت العالم، وحصار خانق يمنع دخول الغذاء والدواء وحتى الأمل. شباب ونساء وشيوخ وأطفال يُسحقون بلا ذنب، برصاصٍ لا يفرق، وقصفٍ لا يرحم، في حرب إبادة مفتوحة لا تجد من يوقفها أو حتى من يصرخ بوجهها.

أين منظمات حقوق الإنسان؟ أين الضمير العالمي؟ أين صوت الإنسانية؟ لماذا يُترك أهل غزة وحدهم يواجهون آلة الموت والجوع؟

سامي، كما مئات الآلاف من أبناء غزة، لا يطلب سوى الحياة… كسرة خبز، شربة ماء، لحظة هدوء. لكنه يُجابَه بالقصف والجوع والخذلان. كل الطرق مغلقة، كل المنافذ محاصَرة، وكل الأبواب أُوصدت، إلا باب السماء.

لم أملك سوى الدعاء، قلت له ، ” الله معكم، الكل تخلى عنكم، لكن الله لم ولن يتخلى.”

صديقي، أبكيتني… وما باليد حيلة، سوى أن أكتب صوتك المنكسر وجوعك الموجع في وجه صمت العالم المخجل، وأجعل من كلماتك نداءً يجلجل في ضمير كل من بقي له ذرة إنسانية.

نعم، غزة تموت كل يوم أمام مرأى العالم، وليس هناك أشد قسوة من هذا الصمت العربي والدولي القاتل.

وفي ختام الحديث، أقولها بصوت سامي، وباسم كل جائع في غزة _

نحن جوعى… لكن الله معنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى