حين يختبئ الخطر خلف كربان مهجور ..
بقلم : نورا المرشدي ..

ذات ليلة هادئة، كنت في طريقي لشراء دواء طارئ من مذخر الأدوية في منطقتنا، ناحية الرشيد، حيث تسكن العتمة طرق بلا أسماء، ولا كاميرات مراقبة، ولا حتى إنارة تليق بمدينة.
كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلاً. الشارع شبه خالٍ، والبيوت تغط في سبات لا تدري ما يدور خلف جدرانها. فجأة، لمحته… رجل يتلفت بحذر يمينًا ويسارًا، واقفًا خلف “كربان” مهجور. كانت وقفته غريبة، قلقة، كأنه ينتظر شيئًا لا يريد أحد أن يراه.
وقفت على بعد خطوات أراقب بصمت، شعرت بشيء لا يُطمئن. بعد دقائق قليلة، قطعت سيارة مسرعة صمت الليل، توقفت بجانبه، فتح الباب بسرعة، وأُسلم إليه ظرف صغير. ثم اختفت السيارة كما جاءت… بلا أرقام واضحة، بلا شهود، بلا أثر.
في هذه الزاوية المنسية من المدينة، حيث يغيب الضوء والكاميرات، يصبح الكربان المهجور ملاذًا آمنًا لكل خطر متربص. غياب وسائل الرصد والإنارة يحوّل الظلام إلى حاضنة للأسرار والمخاطر.
ربما لو كانت هناك كاميرات مراقبة وإنارة كافية، لما تمكّن ذلك الظل الغامض من تنفيذ صفقة الظرف الصغير دون أن يُكشف أمره. كاميرات المراقبة ليست مجرد أداة، بل درع أمان يحمي الشوارع ويحول الظلام من ملاذ الخطر إلى ساحة للأمان.
حين يختبئ الخطر خلف كربان مهجور… لا بد أن نعيد للمدينة أنفاسها، نورها، وعينيها التي لا تغفل، لتكون شوارعنا مفعمة بالحياة، لا بمخاوف الظلال